فيهتدي بالشهود الى الغيب ، وبالحاضر الى المستقبل ، وبالمخلوق الى الخالق ، الا ان المشكلة لا تكمن في قلة العبر وانما هي في قلة الاعتبار والمعتبر ، فالمواعظ على كثرتها ووضوحها كالشمس هل يراها من غض بصره أو استتر بحاجب؟!
من هنا فان أهم اهداف الرسالات الالهية رفع الحجب التي بيننا وبين الحقائق (الإصر والأغلال) العلمية بالتعليم ، والنفسية بالتزكية لنلمسها مباشرة ، قال الله : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (١). أرأيت الذي ضل عن ابنه فدل عليه؟ أرأيت كيف يعرفه؟ كذلك الذي عاش في ضلال مبين عن حقائق يعشو عنها وهي قريبة منه كيف يهتدي إليها لو كشف عن بصره الستار؟ وقد لا تكون حاجة الإنسان لكي يستوعب الحقائق التي تهدي الآيات إليها ، ويؤمن بها الى المعلومات والمعارف ، بقدر حاجته الى يقظة الضمير وإثارة العقل.
وانما يترف الإنسان ، ويصر على الشرك ، ويكفر بالآخرة بسبب ضلاله عن ربه ، وقدره حق قدره. ولذلك يذكره القرآن بآيات معرفته الدالة اليه ، وقد تكون تلك الآيات أقرب شيء اليه (كالخلق) ولكنه غافل عنها.
بينات من الآيات :
[٥٧] لان الإنسان مخلوق فان خلقه هو أقرب الأشياء.
هل حدث أن بحثت عن شيء ثم اكتشفت انه كان في يدك أو جيبك وأنت ساه عنه؟ أو تدري أين كان الخطأ؟ إنه في المنهج. لقد بحثت عنه طويلا في درج مكتبك ، أو رفوف مكتبتك ، أو عند أهلك وأصدقائك ، لقد حسبته بعيدا عنك
__________________
(١) الجمعة / ٢.