التي نعرفها ، ولا نعرف الصدفة عملا بغير عامل ، أو خلقا بدون خالق ، أو حادثا بدون سبب (١).
ويسخر بعض الباحثين من هذا الزعم ويضرب مثلا ويقول : لو فسر أحد ظهور دائرة المعارف البريطانية بمجلّداتها الضخمة وعلومها المتنوّعة بان انفجارا وقع في مطبعة ، ففاض الحبر على الأوراق صدفة ، وارتسمت عليها صور الكلمات صدفة ، وخرجت مجلدات دائرة المعارف بما فيها من ثقافة العصر ، لو فسّر أحد نشوء أعظم موسوعة عصرية بهذه الصدفة كم يكون كلامه باعثا للسخرية؟! كذلك الذي يدّعي وجود خلية واحدة صدفة.
وإن شواهد العمد والتصميم السابق متوافرة في كل حركة في الكون ، فبالرغم من وجود سنن كونية تجري عبرها الكواكب والمنظومات ، فانها ليست كآلة ميكانيكية ، بل انما هي كسيارة في عراء قد استوى عليها صاحبها ، وسيّرها بقدرة وخبرة بالغة (٢). (وحتى الحركة الميكانيكية تحتاج الى محرك).
رابعا : ان الكون ومن ضمنه الإنسان لم يحدث بل كان أزليا. هل هذا صحيح؟ كلا .. إن جميع شواهده تدل على حدوثه (تطوره ، تناميه ، تناقصه ، حاجة بعضه الى بعضه ، تركيب أجزائه بدقة وتناسق) إن هذه آيات الحدوث .. بل كل اكتشافات العلم تهدى الى أن للوجود عمرا محدودا ، فالحرارة المتاحة للحياة تتناقص ، وعمر النجوم محسوب (٣).
(نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ)
__________________
(١ ، ٢) للمؤلف بحوث طويلة في كتابه (الفكر الاسلامي مواجهة حضارية) تقع في مئات الصفحات بهذا الشأن فراجع.
(٣) المصدر / ص ١٦٧.