سقوط الغيث وجميع جوانب الحياة بالصورة التي تنسجم مع متطلبات حياتنا. وعدم جعله ماء شربنا أجاجا ليس لعجز في مشيئته ، أو لأنّ القانون يفرض نفسه عليه بل لرحمته بنا ، فلم يرد ذلك حيث وضع القوانين الأساسية للغيث وإذا شاء في المستقبل تغييرها فله البداء «يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ».
وإدراكنا لهذه الحقيقة يعرّفنا بخالقنا ويسوقنا إلى التصديق به وبقدرته المطلقة ، وما يجب هو أن يصير التصديق مسئولية وبرنامجا عمليا في حياتنا ، يفرض علينا التزامات يعبر عنها القرآن بالشكر.
(فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ)
إذ لا فائدة من معرفة لا تقود إلى العمل ، ولا معنى للتصديق إذا فرّغ من أهم مضامينه وأهدافه أي الشكر. والمهم هنا التذكير بأن الشكر لا ينحصر في تلك الأذكار المتعارف عليها ، فهي جانب منها أو هي رمز لها أما الشكر الحقيقي فهو معرفة المنعم وتذكر نعمته عليه ، والتصرف في النعمة حسب تعاليمه. وبالتالي التسليم الشامل له.
قال الامام الصادق (ع) : «ما من عبد أنعم الله عليه نعمة فعرف أنّها من عند الله إلّا غفر الله له قبل أن يحمده» (١) وقال : «شكر النعمة اجتناب المحارم ، وتمام الشكر (أي ما يكمله) قول الرجل الحمد لله رب العالمين» (٢) وقال في تفسير الآية : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) : «نعم من حمد الله على نعمة ، وشكره ، وعلم أن ذلك منه لا من غيره» (٣).
__________________
(١) أصول الكافي / ج ٢ ـ ص ٩٦.
(٢) بح / ج ٧١ ـ ص ٤٠.
(٣) المصدر / ص ٥٣.