نتعامل عادة معها باعتبارها متوفرة قد تعودنا عليها ، فمنذ أن بدأنا ندرك الحياة تعايشنا مع الماء والنار وما أشبه ، ولكن ألا فكرنا في مدى حاجتنا أليها؟ وكيف أنّ الله وفّرها لنا؟ وماذا لو انعدمت عنا؟ هنالك يتحول موقفنا منها تماما .. إنّها سوف تنطق بأسرار الحياة وتسبّح بحمد الرّب الذي وفّرها وتصبح جسرا بيننا وبين معرفة الخالق العظيم.
(أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ)
قالوا إنّها المرخ والعقار الذين كانت العرب توقد النار بضربهما ببعضهما ويبدو أنّها كل شجرة تتقد فهل كنا نحن الخالقين لها أم الله؟ أفلا نؤمن بقدرة ربّنا الذي خزن النار في هذه الأشجار الخضر أولا نصدق بأنّه قادر على إحياء الموتى؟
مشكلة البشر في قضية البعث أنّه يقيس الأمور حسب قدراته ، فحيث يجد في نفسه الضعف والعجز ينكر الآخرة ، أما إذا نظر إلى القضية من خلال إرادة الله المتجلية في الكون فلن يرى البعث إلّا أمرا هينا وربما تكشف هذه الفكرة سر التساؤل المتكرر (أَأَنْتُمْ أَمْ نَحْنُ) ، فلو كانت الإجابة فرضا أننا نحن (البشر) نخلق ونزرع وننشئ وننزل لأمكن الكفر بالبعث ، بينما الإجابة المعروفة لدى كل بشر أن من يفعل ذلك غيرنا ، هنالك نسعى لمعرفته ، والإيمان به ومعرفة أسمائه وبالتالي نعرف واقع البعث والنشور.
[٧٣] وربّنا لم يخلق النّار وينشئ شجرتها وحسب ، وإنّما جعل لخلقها أهدافا محددة.
(نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً)