العلم ، وتخصّص فيه الباحثون والمراقبون ، إنّما قبل عدّة قرون ، وفي وقت كانت معلومات البشر بهذا العلم وتوجّهاته ضئيلة ومحدودة ، بل ومخلوطة بالخرافات والأساطير.
(فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ)
ولم يقل بذات النجوم ، وذلك ليبيّن حقيقة علميّة مهمة وهي أنّ الكواكب ليست منثورة في السماء اعتباطا ، كما يظنّ الجاهل بنظرته الخاطفة إلى ظاهرها ، بل هي خاضعة لنظام دقيق ومحكم بحيث تأخذ كلّ نجمة موقعها فيه ، بما يجعل النظام متكاملا ، ويجعلها تؤدّي دورها المطلوب والمناسب في الوجود. ولا ريب أنّ هذه الحقيقة حريّة بالدراسة والبحث من جانب المختصين لما فيها من فوائد علمية تهمّ الإنسان ، وتجلّيات لعظمة خالقها ومدبّرها تزيد إيمانه وتصديقه وتسبيحه.
«ويقول الفلكيون : إنّ من هذه النجوم والكواكب التي تزيد على عدّة بلايين نجم (تزداد كلّما تقدّم العلم بالإنسان) ما يمكن رؤيته بالعين المجرّدة ، وما يرى إلّا بالمجاهر والأجهزة ، وما يمكن أن تحس به الأجهزة دون أن تراه ، هذه كلها تسبح في الفلك الغامض ، ولا يوجد أيّ احتمال أن يقترب مجال مغناطيسي لنجم من نجم آخر ، أو يصطدم بكوكب آخر ، إلّا كما يحتمل تصادم مركب في البحر الأبيض المتوسط بآخر في المحيط الهادي ، يسيران في اتجاه واحد ، وبسرعة واحدة ، وهو احتمال بعيد ، جدا ، إن لم يكن مستحيلا» (١).
ويقول العلماء المختصون أنّهم اكتشفوا لحدّ الآن نصف مليارد مجرّة ، ولا يزالون يكتشفون المجرّة تلو الأخرى في هذا الفضاء الرحب ، وإنّما يدرك عظمة قسم الله بمواقع النجوم الذي يطّلع على مثل هذه الحقائق ، أمّا الذي يجهلها فانّ القسم بها
__________________
(١) في ظلال القرآن / نقلا عن كتاب : الله والعلم الحديث ص ٣٣