ولم يذكر القرآن شيئا عن رد فعل إبراهيم (عليه السلام) لماذا؟ ربما لأن انجاب رجل كبير في مثل سنه ممكن عقلا بعكس امرأة عقيم في مثل عمرها ، والدليل على ذلك أن إبراهيم (ع) تزوج بهاجر فأنجبت له إسماعيل (ع).
والمعروف أن الولد كان (اسحق) وتدل على ذلك الآية المباركة : «وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ».
وهذه الحادثة توحي ببصائر ثلاثة :
أولا : إن الله قادر على تغيير ما نعرفه من السنن بقضائه النافذ ، وحكمه الذي لا يرد.
ثانيا : إنه يستجيب دعاء من دعاه بفضله وبوسائل غير معروفة لدينا ، وعلينا ألّا نقنط من رحمته في أشد حالات الأزمة ، وألّا نحرص على الدنيا خشية المستقبل فهو الرزّاق ذو القوة المتين.
وإلى هذا تشير الرواية المأثورة عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) : «قال : خرجت حتى انتهيت إلى هذا الحائط ، فاتكيت عليه ، فاذا رجل عليه ثوبان أبيضان ، ينظر في وجهي ، ثم قال لي : يا علي بن الحسين! ما لي أراك كئيبا حزينا؟! أعلى الدنيا حزنك فرزق الله حاضر للبر والفاجر ، فقلت : ما على هذا أحزن ، وإنه لكما تقول ، قال : يا علي بن الحسين! هل رأيت أحدا سأل الله عزّ وجلّ فلم يعطه؟! قلت : لا ، قال : نظرت فاذا ليس قدامي أحد» (١).
ثالثا : إن كلّ ذلك دليل يهدينا إلى البعث بعد الموت. أليست العقبة الرئيسية عند الكفار به هي جهلهم بقدرة الله على إحياء الموتى ، أو خرق الأنظمة السائدة على
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ / ص ١٢٦.