ثانيا : ماذا كانت جريمتهم التي استحقوا بها ذلك العذاب الشديد؟ يبدو انهم كانوا قد تدرجوا في عدّة مراحل ، حتى بلغوا الدرك الأسفل ، والذي مثّل في الشذوذ الجنسي ، اما غيره فقد جاء في الحديث : «انهم لم يكونوا يتنظّفون من الغائط ، ولا يتطهرون من الجنابة ، بخلاء ، أشحّاء على الطعام» (١).
[٣٤] وان هذا الهبوط المستمر كان بسبب إسرافهم المقيت.
(مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ)
يبدو من هذه الآية ان الإسراف ينتهي بالإنسان إلى الجريمة ، فهو يسرف حتى يستوعب حقه ، فيبادر على الاعتداء على حقوق الآخرين ، وفي الحديث عن الامام علي عليه السلام : «ما رأيت نعمة موفورة إلّا وإلى جانبها حقّ مضيع» لان من يأكل أكثر من حقه يأكل ـ وبشكل طبيعي ـ حقوق الناس ، والحجارة التي أصابتهم كانت مسومة ، قد عرفت باسمهم ، ولعل كل حجارة كانت باسم واحد منهم ، فلم تكن تطيش هنا وهناك ، لأنها كانت مسجلة باسمه وحسب جريمته.
[٣٥] وكما كانت مسومة باسم المجرمين كانت بعيدة عن المؤمنين الذين أخرجوا من تلك البلاد.
(فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)
ولكن من كان فيها من المؤمنين؟
[٣٦] (فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
[٣٧] وبعد أن خرجوا من تلك القرى ، أرسل الله الحجارة المسومة ، فأهلكتهم.
__________________
(١) المصدر / ص ١٢٩.