[٥٣] كانت تلك تهمة هدفها الطغيان والكفر ، يكررها كلّ الكفار على امتداد التاريخ ، حتى ليخيل للإنسان ان بعضهم يوحي لبعض بذلك ، بيد أن الحقيقة اشتراكهم جميعا في تلك النفسية الطاغية التي تفرز مثل هذه التهم.
(أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ)
ان ذات التهم التي افتراها قوم نوح قبل ألوف السنين ضد نبي الله العظيم (عليه السلام) نجدها اليوم مثلا على السنة الذين يخالفون الدعاة الى الله ، المنذرين الناس عذابه ، ذلك أن أشياء كثيرة تتغير في حياة البشر إلّا انها لا تمس جوهر وجوده ، والغرائز التي تنطوي عليها نفسه.
وهكذا ينبغي ألا ننزلق ـ نحن الذين نتلوا آيات القرآن ـ في هذا الوادي فكلما دعانا الى الخير داع ، أو أنذرنا عن الشر منذر اتهمناه في عقله أو في نيته.
ولعل أخطر شر يجب أن نفرّ منه الى الله ، ونجأر اليه ليخلصنا منه هو هذا الطغيان الذي تنطوي عليه أنفسنا (أعاذنا الله من شرورها).
[٥٤] وحين يبلّغ الرسول قومه الإنذار تتم الحجة عليهم ، وتنتهي عندئذ مسئوليته ، فلا يظن أحد أن الرسول يكون وكيلا عنه ، ومسئولا عن هدايته بطريقة أو بأخرى. كلا .. انه لا يلام على كفرهم بعد الإنذار المبين.
(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ)
[٥٥] بلى. المؤمنون يظلّون موضع رعاية وعناية من لدن رسول الله ، الذي لا يني يذكّرهم بربهم ، لأنهم يستفيدون من الذكرى.
(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)