وهكذا فالإنسان بين خطرين : أحدهما يسير وسريع الانقضاء ، والثاني عظيم دائم ، فلينظر لنفسه كيف يختار؟ فلو استسلم للضغوط ، وأشرك بالله فانه يتجنب الخطر اليسير ، ويحيق به الخطر الأكبر ، بينما لو فر الى الله واستجار بذمامه المنيع فانه ليس فقط يتجنب الخطر العظيم المتمثل في غضب الله الجبار ، وعظيم عذابه ، بل ويغيثه الرب وينقذه من الخطر الآخر.
[٥١] وهكذا بعث الله النذير المبين ليدعوهم الى نفسه ، وليحذرهم من عاقبة التمرد عليه ، والإشراك به.
(وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ)
فانه لا ينقذكم من أخطار الدنيا ، ويسبب لكم غضب الرب وعذابه.
(إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ)
وكم تكون خسارة الإنسان كبيرة ، وندمه عظيما حينما تصم أذنه عن هذا النذير المبين.
[٥٢] ما الذي جعل البشر يكفرون بهذا النذير المبين ، ويخسرون أنفسهم وإلى الأبد؟
إنه الطغيان الذي انطوت عليه أنفسهم ، انها الذاتية المقيتة ، لذلك تراهم يتّهمون النذير بتهم متناقضة لكي يبرروا كفرهم به.
(كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ)