ومن بينهم شيخ الطائفة : نصفه بدل من الليل ، كقولك : ضرب زيدا رأسه (١) ، وقيل : أنه بدل من القليل ، فيكون بيانا للمستثنى ، ويؤيد هذا القول ما روي عن الصادق (ع) قال : «القليل النصف ، أو انقص من القليل قليلا ، أو زد على القليل قليلا» (٢) ، والأقرب ـ كما يبدو لي ـ أنّ الضمير في «نصفه» عائد إلى الليل فيكون المعنى : قم كلّ الليل إلّا قليلا ، أو نصفه ، أو أقل من النصف بالانقاص منه قليلا ، أو أكثر من النصف بالزيادة عليه.
ونستطيع أن نقول : بأنّ المقصود من الليل في قوله : «قم الليل» هو الجنس ، وأنّ المستثنى بعضه ، فيكون المعنى : قم كلّ الليالي إلّا قليلها وبعضها ، وهي ـ كما عبّر صاحب المجمع ـ ليالي العذر كالمرض وغلبة النوم وعلّة العين ونحوها (٣) ، ويؤيد ذلك ما رواه محمد بن مسلم عن الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ قال : سألته عن قول الله تعالى : «الآية» قال : «أمره الله أن يصلّي كلّ ليلة إلّا أن تأتي عليه ليلة من الليالي لا يصلّي فيها شيئا» (٤) لعذر من الأعذار.
والسؤال : لما ذا أمر الله بالقيام على شبه من التردّد بين أربعة خيارات دون تحديد؟ لعله للأسباب التالية :
١ ـ لأنّ الفرض المحدّد أمر مستحيل في بعض الظروف حتى بالنسبة إلى الرسول والمعصومين الذين يجب عليهم قيام الليل وجوبا شرعيّا عينيّا ، ذلك أنّ الإنسان من الزاوية الواقعية عرضة للظروف المتغيرة التي لا يمكنه مقاومتها ، كالمرض والحرب والظروف الأمنية ، قال عليّ بن أبي طالب : «خير الله نبيّه (ص) في هذه
__________________
(١) التبيان ج ١٠ ص ١٦٢.
(٢) تفسير مجمع البيان / ج ١٠ ص ٣٧٧.
(٣) المصدر.
(٤) تفسير الميزان ج ٢٠ ص ٧١ عن كتاب التهذيب.