فمعالم الطريق الصحيح بيّنة وواضحة للبشر ، هداه الله إليها بالفطرة والعقل والرسالات والرسل ، ولكنّه لم يجبره لكي لا يتنافى وحكمة الابتلاء ، وإنّما جعل القرار موكولا إليه يختار أحد الطريقين.
(إِمَّا شاكِراً)
يتبع فطرته وعقله وهدى ربه ، الذي هو السبيل الذي يسّره له ، فيشكره على كلّ نعمة ومن شكره طاعته.
(وَإِمَّا كَفُوراً)
لا يسمع نداء الحق ، ولا يبصر الطريق ولا يسلكه ، فلا يشكر ربه على نعمه ، وإنّما عبّر الله بالشكر والكفر عن الهدى والضلال لأنّهما الأساس والمعول ، فكلّ ضلال وكفر وانحراف في حياة البشر هو كفران لنعم الله عليه ، وكلّ هدى وإيمان وعمل صالح هو شكر.
قال حمران بن أعين : سألت أبا عبد الله (ع) عن قوله عزّ وجلّ : «الآية» قال : «إمّا آخذ (بالسبيل) فهو شاكر ، وإمّا تارك فهو كافر» (١). وحينما يكفر الإنسان بربه ونعمه فإنّه يصير إلى عذاب شديد أعدّه لكلّ كفور.
(إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً)
قال القرطبي : السلاسل : القيود في جهنم طول كل سلسلة سبعون ذراعا (٢) ، وقال الرازي : السلاسل تشدّ بها أرجلهم ، وأمّا الأغلال فتشدّ بها أيديهم إلى
__________________
(١) المصدر.
(٢) الجامع لأحكام القرآن / ج ١٩ ص ١٢٣.