وثوابه ، ممّا يعكس تمحّض التوحيد في أنفسهم ، فلا يطالبون حتى بكلمة الشكر (شكرا وأحسنتم) وما إلى ذلك ، قال الإمام الصادق (ع) : «والله ما قالوا هذا ، ولكنّهم أضمروه في أنفسهم فأخبر الله بإضمارهم ، يقولون : لا نريد جزاء تكافوننا به ، ولا شكورا تثنون علينا به ، ولكنّا إنّما نطعمكم لوجه الله وطلب ثوابه» (١) ، وهذا ما يجعلهم في عطاء دائم ، لأنّه لا ينقطع بسبب عدم مجازات الآخرين لهم أو حتى وقوفهم من إحسانهم موقفا سلبيّا.
[١٠] كيف يتجرّد الأبرار من حبّ الذات إلى هذه الدرجة السامية؟ كيف ينتزعون من أنفسهم حبّ الأموال التي يحتاجونها لطعامهم وقد فطرت الأنفس على حبّ المال ، وبالذات حينما يكون ثمن أهمّ حاجة عند الإنسان حاجة الطعام؟ وأعظم من هذا كيف يسيطرون على غريزة حبّ السلطة والعلوّ في الأرض التي هي أعظم غريزة عند الإنسان ، وكانت وراء خروج آدم (عليه السلام) من الجنة ، حتى تراهم لا يبحثون عن كلمة شكر تقال لهم ، أو أيّ جزاء من أيّ نوع يكافؤون به؟
الجواب : إنّهم يعيشون أهوال القيامة ، وكلّ همّهم النجاة منها. إنّهم يعيشون ـ إذا ـ عالما آخر له همومه وتطلّعاته المختلفة عن هذا العالم الماديّ المحدود ، وهم يعرفون أنّ ثمن النجاة في ذلك اليوم الرعيب الرهيب الفظيع إنّما هو باتقاء شح الذات وإيثار الضعفاء والمحتاجين ، إذ أنّ المسؤولية الاجتماعية تجاه المحرومين والبؤساء ليست اختيارية يتحمّلها الإنسان أو لا يتحمّلها ، وإنّما هي واجب ديني يتصل بمصيره في الآخرة ، وعاقبته عند الله ، وإذا ما دخلت هذ الحقيقة إلى وعي الإنسان فسوف لن يتوانى في أدائها.
__________________
(١) المصدر نقلا عن أمالي الصدوق.