فضيلة وصفة حسنة في الدنيا ، وبتعبير آخر : إنّ الخوف من الآخرة وقود الإنسان في مسيرته الصاعدة نحو الكمال. وهكذا تجد القرآن يذكّرنا بها المرة بعد الأخرى لتصبح جزء من كياننا الثقافي ، ومزيجة مع شخصيّاتنا ، وصبغة أساسية لحياتنا.
[٨] وصفة أخرى تقرّب الأبرار إلى ربهم وإلى ذلك النعيم الكبير هي تحمّل المسؤولية الاجتماعية تجاه الضعفاء وأهل الحاجة بالرغم من حاجتهم الماسّة إلى الطعام.
(وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً)
قيل : «على حبه» أي على حبّ الله ، وهذا صحيح من ناحية المعنى ، أمّا سياق الكلام فيدلّ على حبّ الطعام (لأنّه أقرب إلى الضمير ، ولأنّ حبّ الله (ووجهه) ذكر في الآية التالية بصورة مستقلّة لأهميته فلا داعي للتكرار ..).
وهذا يعني أنّ المراد من حبّ الطعام هنا : أنّ الأبرار لا يطعمون الآخرين من فاضل طعامهم ، بل ممّا يطعمونه أنفسهم وإلى حدّ الإيثار ، بحيث يتصدّقون بما عندهم وينفقونه مع حاجة وحبّ إليه ، وهذه من أرفع مراحل التضحية والعطاء ، ويؤكّد ذلك أنّ الإنفاق ممّا تحبه النفس من شروط القرآن لبلوغ درجة البر ، كما قال سبحانه : «لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ».
[٩] قد يكون الإنفاق بهدف الاستكبار والتعالي على الآخرين وبسط السلطة عليهم. إنّه إنفاق المنّ والرياء ، ولكنّ الأبرار يخلصون في إنفاقهم.
(إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً)
إنّ الأبرار لا يتطلّعون إلى شيء وراء إنفاقهم وخدماتهم للآخرين إلّا رضى الله