[٧] (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ)
أي نذر وعهد يقطعونه على أنفسهم ، وأظهر مصاديق النذر في حياة الإنسان عهده الذي أخذه الله منه ، وتعهّد هو بالوفاء به في الميثاق الأول في عالم الذر ، حيث قطع على نفسه بتوحيد ربه وطاعته وتولّي أوليائه ، وقد بيّن أئمة الهدى هذا المعنى ، قال الإمام الرضا (ع) : «يوفون بالنذر» الذي أخذ عليهم من ولايتنا (١) ، وعنه قال : «يوفون لله بالنذر الذي أخذ عليهم في الميثاق من ولايتنا» (٢) ، وحينما تنبني شخصية المجتمع على أساس الوفاء بالتعهّدات فذلك ممّا يزيد الثقة والاطمئنان بينهم ، ويجعل المجتمع مهيّأ للتقدم والتحضّر ، لأنّ الحضارة في حقيقتها مجموعة من القيم التي يؤمن بها المجتمع ويتعهّد الوفاء بها ، وأصل الحضارة تكاثف الجهود ، وتراكم الإنجازات ، وتركّز الخبرات ، وكلّ أولئك رهين الثقة المتبادلة والتي يزرعها الوفاء بالعهود.
أمّا لما ذا يلتزم الأبرار بالعهد ويوفون بالنذر فلأنّهم يعيشون أهوال القيامة فيخشونها ، ويرتفعون إلى الحالة الجدّيّة التي يتطلّبها مثل ذلك اليوم!
(وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً)
قال الإمام الصادق (ع) : «عابسا كلوحا» (٣) ، وعن علي بن إبراهيم قال : «المستطير العظيم» (٤). فالخوف الحقيقي من الآخرة إذا هو الذي يتحوّل إلى إيمان يردع الإنسان عن الخيانة ونقض العهد والكذب وكلّ خطيئة ، ويدفعه إلى كلّ
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ٤٧٧.
(٢) المصدر / ص ٤٧٨.
(٣) المصدر / ص ٤٧٧.
(٤) المصدر / ص ٤٧٨.