والمفعول المطلق «تذليلا» يفيد التأكيد والمبالغة ، أي أنّها مذلّلة أيّما تذليل ، قال رسول الله (ص) : «من قربها منهم يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه من الثمار بفيه وهو متكئ ، وإنّ الأنواع من الفاكهة ليقلن لوليّ الله : يا وليّ الله كلني قبل أن تأكل هذه قبلي» (١).
وحيث تغمر الأبرار فرحة الفوز والبهجة بما في حياتهم من النعيم يتقدّم إليهم خدمهم من الولدان بأواني وأكواب في غاية الروعة معدنا ومنظرا وشرابا.
(وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا)
ولعلّ الآنية المطاف بها هي التي يستقلّ الولدان فيها أكواب الشراب ، أو التي يكون فيها الشراب الذي يصبّ في الأكواب بعدئذ ، أو هي أواني الأكل والفواكه التي يحملها الولدان إلى أولياء الله عزّ وجل. بينما الأكواب هي الكؤوس التي لها مقبض وعروة ، وفي صنعتها الرائعة تتجلّى قدرة الله وكرامته لأوليائه.
(قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ)
قال الإمام الصادق (ع) : «ينفذ البصر في فضّة الجنة كما ينفذ في الزجاج» (٢) ، وعن قتادة قال : صفاء القوارير في بياض الفضة (٣) وقال ابن عبّاس : لو أخذت فضة فضربتها حتى جعلتها مثل جناح الذباب لم ير الماء من ورائها ، ولكنّ قوارير الجنة بياض الفضة في صفاء القوارير (٤) ولن يستطيع بشر تصوّر شيء من نعيم الجنة على حقيقتها أبدا.
__________________
(١) المصدر / ٤٨١.
(٢) مجمع البيان / ج ١٠ ص ٤١٠.
(٣) الدر المنثور / ج ٦ ص ٣٠٠.
(٤) المصدر.