غضب الله وعذابه (الآيات ٢٩ ـ ٣٤).
وهنالك تنطق الحجة البالغة لله ، ولا ينطق المكذّبون باعتبارهم تلجمهم الحجج من جهة ، «وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ» وكفى بهذا عذابا مهينا لهم بين يدي جبّار السموات والأرض ، وأمام الخلائق في محشر يوم القيامة (الآيات ٣٥ ـ ٣٧).
ويتحدّى السياق المكذّبين من الأولين والآخرين ، بهدف إذلالهم وإظهار صغارهم أمام الناس حيث كانوا يتكبرون في الدنيا بما عندهم من السلطة والمال ؛ يقول لهم : «هذا يَوْمُ الْفَصْلِ» الذي طالما كذّبتهم واستهزأتم به ، وأنتم مجموعون إلى بعضكم (أوّلين وآخرين) «فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ» وذلك جزاء كيدهم ومحاربتهم لله ولأوليائه في الدنيا ، فالويل لهم من ذلك الموقف وعذابه (الآيات ٣٨ ـ ٤٠).
ويبيّن القرآن سبيل النجاة من مصير المكذّبين السيء ، ألا وهو تقوى الله ، وهذا البيان يملأ قلوب المتقين أملا في رحمة الله ، واطمئنانا إلى لطفه ، بالذات والآية ظلال لغضب الله ووعيده بكلّ آياتها ومفرداتها عدا الآيات (٤١ ـ ٤٤) .. فالمتقون في مأمن من العذاب ، «فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ* وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ» يدعوهم ربّهم إلى مائدة فضله ورحمته «كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» وإنّه لجزاء كلّ تقيّ محسن عنده تعالى (الآيات ٤١ ـ ٤٤).
ويعود السياق موصولا بما سبق من الوعيد للمكذبين ، وهو يهدّدهم بالعذاب ، ويحذّرهم من عواقب انتهاجهم سبيل التكذيب والجريمة ، مؤكّدا بأنّهم لن يطول بهم المقام في متعهم الإجرامية حتى يقع بهم غضبه الذي لا تقوم له السموات والأرض (الآيات ٤٥ ـ ٤٧).