واقعيّا. بلى. قد نجهل علاقة بعضه ببعض ، ولكنّا نعرفها عند التدبّر العميق فيها.
(وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً)
اختلفوا في تأويل «المرسلات» إلى رأيين أساسيين :
الأول : أنّها الرياح ، قال في المجمع : والمرسلات يعني الرياح ، أرسلت متتابعة كعرف الفرس عن ابن مسعود وابن عبّاس ومجاهد وقتادة وأبي صالح ، فعلى هذا يكون «عرفا» نصبا على الحال من قولهم : جاؤوا إليه عرفا واحدا ، أي متتابعين (١). وقد استدل أصحاب هذا الرأي بقول رسول الله (ص) : «الرياح ثمان : أربع منها عذاب ، وأربع منها رحمة ، فالعذاب منها : العاصف ، والصرصر ، والعقيم ، والقاصف ، والرحمة منها : الناشرات ، والمبشّرات ، والمرسلات ، والذّاريات. فيرسل الله المرسلات فتثير السحاب ، ثم يرسل المبشّرات فتقلع السحاب ، ثم يرسل الذاريات فتحمل السحاب فتدرّ كما تدرّ اللقحة ، ثم تمطر وهي اللواقح ، ثم يرسل الناشرات فتنشر ما أراد» (٢) ، وفي نفس المصدر : قام رجل إلى عليّ (ع) فقال : ما العاصفات عصفا؟ قال : «الرياح» (٣).
الثاني : أنّها الملائكة ، وفسّرت «عرفا» على أنّها أرسلت بالمعروف من أمر الله ونهيه (٤) ، وقيل : انّهم الأنبياء والرسل ، الذين أرسلوا بالوحي المشتمل على كلّ خير ومعروف ، فإنّه لا شك أنّهم أرسلوا بلا إله إلّا الله ، وهو مفتاح كلّ خير ومعروف (٥).
__________________
(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٤١٥.
(٢) الدر المنثور ج ٦ ص ٣٠٣.
(٣) المصدر.
(٤) مجمع البيان / ج ١٠ ص ٤١٥.
(٥) التفسير الكبير / ج ٣٠ ص ٢٦٧.