والعروج في آفاق الإيمان والعمل الصالح ، وذلك لما يشتمل عليه الإحسان :
الأول : أنّه من أعظم صفات الله وأخلاقه.
الثاني : أنّه مرتبة رفيعة في الكمال البشري ، إذ يعني خروج الإنسان من شحّ النفس إلى حبّ الآخرين وإيثارهم.
[٤٥ ـ ٥٠] وفي ختام السورة التي تهدف علاج موقف التكذيب عند الإنسان من خلال توجيهه إلى آيات الله ، وتخويفه من عذابه ، يؤكّد القرآن عاقبة الويل لكلّ مكذّب ، مبيّنا لهم بأنّ متعتهم لن تمتدّ إلّا قليلا ثم يعقبها مصير سيء نتيجة إجرامهم وعدم استجابتهم لداعية الحق.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)
وكفى بتكرار هذه الآية عشر مرّات في السورة تأكيدا للحقيقة الهادية إليها (أنّ الويل للمكذّبين). والمكذّبون يختلفون عن المتقين في المصير يوم الفصل ، فبينما يصير هؤلاء في ظلّ وعيون وفواكه ممّا يشتهون ، يصير أولئك إلى الويل والثبور
«ظلّ ذي ثلاث شعب |
|
(لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ)» |
، كما يتهنّأ المتقون بأكلهم وشربهم حيث لا يساورهم خوف انقطاعه أو انقطاعهم عنه ، أمّا المكذّبون المجرمون فلا تطول بهم المتعة الّا قليلا ثم تنتهي راحتهم إلى عذاب مقيم.
(كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ)
وإذا كان المكذّبون مترفين ، وفي أيديهم نعم الله وألوان المتع ، فإنّه لا يعني حظوتهم برضوان الله ، لأنّهم مجرمون ، فلا جريمة أكبر من تكذيب الإنسان بالحق وممارسته الباطل في الحياة ، سواء فعل ذلك الفقير أو صاحب الثروة والأتباع.