يتكلّمون ، فإذا سكتوا تفكّروا ، وإذا نطقوا تفجّرت الحكمة من جوانبهم ، كما وصفهم سيدهم أمير المؤمنين (ع) بقوله : «منطقهم الصواب» (١).
(وَأَقْوَمُ قِيلاً)
أي أنّهم أصوب للحق بجهاته المختلفة من غيرهم على الإطلاق ، فهم الأقوم (يعني الأفضل) ، قال الفخر الرازي مفسرا الآية : أحسن لفظا ، وقال أنس : أصوب وأهيأ وأحدّ (٢) ، وهذا أمر طبيعي لأنّ القائم بالليل يتصل بقول الله ووحيه (القرآن) ويؤسس به تفكيره ومنطقه في الحياة ، وهو الذي يهديه للتي هي أقوم كما نعته عزّ وجل ، ولأنّ إثارة العقل بالتفكير في آيات الله ليلا يرسم السبيل للمنطق الأقوم عند السبح والكلام في النهار.
وإذا اعتبرنا القرآن من مصاديق القول الثقيل الذي ألقاه الله على رسوله وعلى أتباعه فإنّ ناشئة الليل التي تهيأ القلب لاستقباله تجعله أهيأ وأصلح لفهم معانيه وثبوته فيه والعمل به.
[٧] إنّ مسئوليات الليل تتكامل ـ في منهج المؤمن ـ مع مسئوليات النهار الذي يستوعب انتشارا واسعا ، وسبحا طويلا.
(إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً)
هناك رأيان كلاهما ينتهي لعلاج التوهّم بالتناقض بين مهام الإنسان في الليل ومهامه في النهار ، فالإسلام يعتبر الإثنين يتكاملان :
__________________
(١) نهج البلاغة خ ١٩٣ ص ٣٠٣.
(٢) التفسير الكبير ج ٣٠ ص ١٧٦.