الرحمن.
في ذلك اليوم يتساقط زيف الباطل ، ويتجلّى الحق بكلّ أبعاده ، ولا تزال فرصة الإختيار للإنسان في هذه الدنيا قائمة ، فمن شاء عاد إلى ربه تائبا خشية ذلك اليوم. أمّا من يكفر فإنّ الله ينذره بعذاب قريب (بالرغم من أنّ الشيطان يبعده عن ذهن البشر) يقع في ذلك اليوم الرهيب الذي يرى الإنسان ما قدّمت يداه من خير وشر (متجسدين في جزاء حسن أو عذاب شديد) ، وحين يرى الكافر حقائق أعماله يتمنّى لو بقي ترابا ولم يحشر لمثل ذلك الجزاء.
بينات من الآيات :
[٢١] يتعامل الإنسان مع سنن الله العاجلة في الطبيعة من حوله ، فتراه يتجنّب النار أن يحترق بها ، والحيّات أن تلدغه ، والجراثيم أن تغزوا جسده فتهلكه ، فلما ذا يا ترى لا يتجنّب تلك السنن الآجلة ، وما الفرق بين نار تحرقه اليوم وأخرى تحرقه غدا ، أو حية تلدغه من جحر في الصحراء وأخرى يصنعها بعمله لتلدغه غدا في الآخرة ، ومن ميكروب يتكاثر في جسمه اليوم وآخر يزرعه في حياته الدنيا ليحصده في تلك الدار الحق؟!
إنّ سنن الله في الدنيا تذكر بما يماثلها في الآخرة ولكنّ الإنسان يؤمن بواحدة ويترك أخرى. لما ذا؟
يبدو من آيات القرآن عموما ، وهذا السياق بالذات ، أنّ الجزاء يوم النشور نوعان : الأول : هو ذات العمل الذي يرتكبه اليوم ويتجسد له جزاء وفاقا في الآخرة ، كمثل نار يوقدها الإنسان في بيته فتحرقه ، أو ثمرة يغرسها في أرضه فيتمتع بثمراتها. النوع الثاني : الجزاء الذي يقدّره الربّ للصالحين في الجنة من فضله