أسمائه الحسنى ، وهو الأقرب ، لأنّ ذكر الله يتم بذكر ايّ من أسمائه ، كما قال عزّ وجلّ «قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى» (١).
والذكر الحقيقي ليس مجرد التلفّظ بأسماء الله ، بل هو إضافة إلى ذلك تعميق الصلة به ، في آفاق توحيده ، والانقطاع إليه ، ولذلك يردف الله مع الأمر بالذكر أمرا بالتبتّل.
(وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً)
روى أبو بصير عن الإمام الصادق (ع) : «وأمّا التبتّل فإيماء بإصبعك السبّابة» (٢) ، وروى زرارة وحمران عن أبي جعفر وعن أبي عبد الله ـ عليهما السلام ـ : «إنّ التبتّل هنا رفع اليدين في الصلاة» (٣) ، وعن الإمام الكاظم (ع) قال : «التبتّل أن تقلّب كفّيك في الدعاء إذا دعوت» (٤) ، وقد أشار جملة من المفسرين إلى أنّ المعنى هو الإخلاص في الدعاء ، وما الإيماء بالإصبع ، ورفع اليدين ، وتقليب الكفّ إلا مظاهر له ، فمثلها مثل الركوع والسجود والقنوت ، والأصل اللغوي للكلمة يهدينا إلى هذا المعنى ، قال شيخ الطائفة : فالتبتّل الانقطاع إلى عبادة الله ، ومنه : مريم البتول وفاطمة البتول ، لانقطاع مريم إلى عبادة الله ، وانقطاع فاطمة عن القرين (لو لا علي). وقيل : الانقطاع إلى الله تأميل الخير من جهته دون غيره (٥) ، وأضاف الفخر الرازي : وقيل : صدقة بتلة منقطعة من مال صاحبها ، وقال الفرّاء : يقال للعابد إذا ترك كل شيء وأقبل على العبادة قد تبتل ، أي انقطع عن
__________________
(١) الإسراء / ١١٠.
(٢) نور الثقلين / ج ٥ ص ٤٥٠.
(٣) مجمع البيان / ج ١٠ ص ٣٧٩.
(٤) نور الثقلين / ج ٥ ص ٤٤٩.
(٥) التبيان ج ١٠ ص ١٦٤.