والمغرب وما بينهما ، فكلّ الكائنات بمفرداتها آيات على ربوبيته ، وأنها مخلوقات له عزّ وجل. وفي الآية تناسب بين الاشارة إلى حركة الشروق والغروب الكونية وبين اسم (الرب) باعتبارهما مظهر وآية للربوبية التي تعني الإنماء والتجديد والإضافة في الخلق ، كما هناك تناسب مع قيام الليل والسبح بالنهار لارتباطهما بشروق الشمس وغروبها.
وحيث يطوف الإنسان بنظره وفكره متدبّرا في المشرق والمغرب وما بينهما تتأكّد له حقيقة التوحيد ، إذ يكتشف أنّ كلّ شيء مخلوق لا يصح الاعتماد عليه ؛ لأنّ له شروقا وغروبا ، إلّا الربّ الواحد الأحد الذي كان قبل الإنشاء ، ويبقى بعد فناء الأشياء.
(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً)
ولا تتخذ غيره ، لأنّ الغير متغيّر ، لا ينبغي الاعتماد عليه ؛ لأنّ ما سوى الله عرضة للزوال والفناء. قال العلامة الطبرسي : أي حفيظا للقيام بأمرك ، وقيل : فاتخذه كافيا لما وعدك به ، واعتمد عليه ، وفوّض أمرك إليه تجده خير حفيظ وكاف (١) ، وفي فتح القدير : أي إذا عرفت أنّه المختص بالربوبية فاتخذه وكيلا (٢).
[١٠] وحاجة الإنسان الرسالي إلى التوكل على الله وتوحيده والتبتل إليه وذكره ، وبالتالي حاجته إلى قيام الليل ، حاجة ملحّة تفرضها مسيرته الجهادية الصعبة ، حيث التحدّيات التي يواجهها. ولو لا التوكل على الله والاستمداد منه انحرف عن الصراط المستقيم شيئا كثيرا أو قليلا.
__________________
(١) المصدر.
(٢) فتح القدير / ج ٥ ص ٣١٨.