بالنقمة (١).
ومهما استطال شوط الصبر في تصور المؤمنين ، وامتدّ ترف المكذّبين ونعيمهم ، إلّا أنّه قصير بالقياس إلى معادلة الزمن الحقيقة عند الله ، بل هو قصير بالفعل ، والذي يدرس تاريخ الصراع بين الحق والباطل يصل إلى قناعة راسخة بهذه السنّة الالهية ، تقول عائشة : لمّا نزلت «الآية» لم يكن إلّا قليل حتى كانت وقعة بدر (٢) التي أذلّ الله فيها المشركين ، وقيل : نزلت في المطعمين ببدر وهم عشرة ، وقيل : نزلت في صناديد قريش المستهزئين (٣) ، وأضاف الزمخشري في الكشّاف : وكانوا أهل تنعّم وترفّه (٤) ، وما ذلك إلّا شاهدا ومصداقا لسنّة الله في الحياة التي تمتدّ إلى الوراء من أعماق التاريخ وإلى الأمام إلى المستقبل البعيد.
[١٢] ويكشف لنا القرآن حجابا عن غيب ما أعدّ الله للمترفين المكذّبين من عذاب أليم ومهين في الآخرة ، يوم ترجف الأرض والجبال.
(إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً)
قال صاحب المنجد : أنكال ونكول : القيد الشديد من أيّ شيء كان ، وحديدة اللجام (٥) ، وقيل وهو الأقرب : الصنيع الفظيع من العذاب الذي يخشاه من يراه ويحذر منه ، ونكّل به صنع به صنيعا يحذر غيره ، ويجعله عبرة له (٦) ولعلّ الكلمة تحمل في طيّاتها معنى الشدّة والانتقام والإذلال ، والقيود والأغلال مظهر
__________________
(١) الميزان ج ٢٠ ص ٦٧.
(٢) الدر المنثور ج ٦ ص ٢٧٩.
(٣) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٨٠.
(٤) الكشاف ج ٤ ص ٦٤٠.
(٥) المنجد / مادة نكل.
(٦) المصدر.