أنوارها ، وتهيأت الحور لأزواجهن ، واستعد الغلمان والجواري للخدمة ، وأعدت الموائد الطيبة التي هي الأشهى والألذ.
(وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ)
اي اقتربت ودنت للمتقين ، فهل تتقرب الجنة الى أرضنا كما لو كانت كرة أخرى ، أم أنّ أهل الجنة يقتربون منها؟ لا ندري.
[١٤] ذلك يوم الجزاء الأكبر ، حيث المحكمة العادلة ، وحيث السجن الكبير يتمثل ـ في جهنم ـ والجائزة العظمى في الجنة يمثلانه أمام كل ناظر ، فيرى الإنسان أعماله ماثلة أمامه ، لا يستطيع من أعماله السيئة فرارا أو إنكارا ، انها حقّا لمسؤولية وعين المسؤولية.
(عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ)
قالوا : هذه الجملة جواب الآيات المتواصلة : «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ» وما بعدها ، وهي اثنا عشر آية صنعت الإطار العام لصورة مسئولية الإنسان عن كل أعماله ، والتعبير ب «علمت» للتأكيد على أن القضية يقين وليس مجرد تخمين ، أما قوله «نفس» فلأن النفس مركز الشعور والإحساس ، فهو أبلغ مما لو قال : علم الإنسان ، أما لو أننا قلنا : رأت العين كان أبلغ مما لو قلنا رأى الإنسان.
وقوله «ما أحضرت» ذروة البلاغة. أولسنا نعمل ونكدح حتى نحضّر شيئا لذلك اليوم الموعود ، كما يدرس التلميذ ليوم الامتحان ، ويتدرب الرياضي ليوم المباراة ، ويستعد الجيش ليوم الحرب ، وهكذا البشر يكدحون ليوم لقاء الله ، حيث يقول ربنا : «يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ» (١).
__________________
(١) الانشقاق / ٦.