تظهر في أماكنها كالوحش في كنسها (١).
ويبدو لي أن الفرق : أن هناك نجوما وكواكب ثابتة على مدار السنة ، وهناك نجوما وكواكب فصلية ربما تبقى ليلة أو حتى جزء من ليلة أو فصل كامل.
ولكن من ظاهر الآيتين : أن قوله : «الجوار الكنس» تفسير للخنس ، فعلى هذا التفسير نستطيع أن نفهم لما ذا كلمة «الخنس» تشابه كلمة «الكنس».
[١٧] ألا ترى كيف تهجم جحافل الظلام جند النور فتهزمه دون أن يكون لنا سلطان به نمنع ورود الليل أو نحافظ على بقية ضياء من نهار ، أفلا نتذكر آنئذ أننا مربوبون ، وأن لهذا العالم ربّا حكيما يدبّر أمره وأمرنا ، وأنه لا بد أن قد خلقنا لأمر عظيم ، وأنه باعث إلينا رسولا من عنده ينبئنا بذلك الأمر؟!
(وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ)
قالوا «عسعس» : أدبر بظلامه ، وقال بعضهم : إذا أقبل ، واللفظ من الأضداد ، والسبب أن العسعس هو الظلام الخفيف الصادق في أول الليل وفي آخره.
[١٨] فإذا استرخت الطبيعة فوق سرير الليل ، وأخذت نصيبا كافيا من الراحة ، وتجمعت قواها للوثبة الجديدة تنفس عليها الصبح بضيائها ، كما وانبلج الفجر من رحم الأفق كما تنبلج الرسالة الإلهية في أفق الوحي.
(وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ)
قالوا : امتد حتى يصير نهارا واضحا ، وكذلك الموج إذا نضح الماء ، ومعنى
__________________
(١) التفسير الكبير / ج ٣١ ص ٧١.