مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً» أفليس من العقل أن يراقب الإنسان نفسه لكي لا يصدر منه عمل سيء ، وأن يلغي الأعذار والتبريرات فلا يتشبث بها في الدنيا ما دامت لا تنفعه شيئا في تلك الدار ، وأن يتخذ من التقوى حجابا بينه وبين أهوال ذلك اليوم الرهيب؟
[٦] وتنتفض النفس من أعماقها حينما يناديها الربّ بكلّ حنان وعطف وكبرياء :
(يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ)
لما ذا تتمرّد عليه؟ هل لأنّك استغنيت عنه فطغيت؟ أولم يخلقك من ماء مهين؟ أولم يسوّي خلقك حتى أصبحت متكاملا متعادل الوجود؟ أم أنّك تنكر هيمنته عليك؟ أوليس هو الذي اختار صورتك التي أنت عليها من قصر وطول وقوّة وضعف وبياض أو سواد أو سمرة و. و؟ أم أنّك اغتررت بكرمه الذي واتر عليك به نعمه ظاهرة وباطنة؟ أفلم يهدك قلبك أن تتقي غضبة الحليم؟ أولم تبعثك مروءتك أن تجازي إحسانه بالإحسان أم ما ذا؟ يبدو أنّ الإجابة عن هذا السؤال متفاوتة من شخص لآخر ، ولكن ليس هنالك أيّ تبرير مقبول ، ذلك لأنّ الغرور حالة مرفوضة أساسا بأيّ سبب كان.
وقد جاء في حديث مأثور عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال : «غرّه جهله» بلى. غرّهم بربّهم تواتر نعمه ، وتتابع آلائه ، قال الإمام السجاد ـ عليه السلام ـ : «أذهلني عن شكرك تواتر نعمك»
بيد أنّ ذلك ليس من مصلحة الإنسان ، إنّما عليه أن يحارب الغرور بيقظة الضمير ، وسلاح التقوى. كذلك أوصانا إمامنا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب