دارا ، ومحلّ من يوطّنها محلّا! وإنّ السّعداء بالدّنيا غدا هم الهاربون منها اليوم.
إذا رجفت الرّاجفة ، وحقّت بجلائلها القيامة ، ولحق بكلّ منسك أهله ، وبكلّ معبود عبدته ، وبكلّ مطاع أهل طاعته ، فلم يجز في عدله وقسطه يومئذ خرق بصر في الهواء ، ولا همس قدم في الأرض إلّا بحقّه ، فكم حجّة يوم ذاك داحضة ، وعلائق عذر منقطعة!
فتحرّ من أمرك ما يقوم به عذرك ، وتثبت به حجّتك ، وخذ ما يبقى لك ممّا لا تبقى له ؛ وتيسّر لسفرك ؛ وشم برق النّجاة ؛ وارحل مطايا التّشمير» (١).
وقد نظم بعضهم بعض هذه البصائر شعرا فقال :
يا كاتم الذنب أما تستحي |
|
والله في الخلوة ثانيكا |
غرّك من ربّك إمهاله |
|
وستره طول مساويكا |
وقال آخر :
يا من علا في العجب والتيه |
|
وغرّه طول تماديه |
أملى لك الله فبارزته |
|
ولم تخف غبّ معاصيه |
وللمحقّق الحلّي ـ رحمته الله ـ شعرا بديعا يقول فيه :
يا راقدا والمنايا غير راقدة |
|
وغافلا وسهام الليل ترميه |
__________________
(١) نهج البلاغة / خطبة ٢٢٣.