بم اغترارك والأيام مرصدة |
|
والدهر قد ملأ الأسماع داعيه |
أما أرتك الليالي قبح دخلتها |
|
وغدرها بالذي كانت تصافيه |
رفقا بنفسك يا مغرور إنّ لها |
|
يوما تشيب النواصي من دواهيه |
[٧] حينما يعي الإنسان نفسه ، ويعرف بدايته ، وكيف تقلّب في يد القدرة طورا فطورا ، وتذكّر أنّه كان نطفة مهينة ، يقذفها مبال في مبال ، ويستقذرها صاحبها أيّما استقذار ، ثم جعل الله تلك النطفة التي خلقها بعظمته رجلا سويّا ذا أعضاء يكمل بعضها بعضا ، وفي نظام عظيم لم يسع العلم الإحاطة به ، بالرغم من الموسوعات الكبيرة التي كتبت حوله .. هذا التكامل الذي يبدأ من تكامل اليد والرجل والأذن وسائر الجوارح ومدى تناسق أدوارها ، وينتهي بتكامل كلّ خليّة في الجسم مع سائر الخلايا ، ضمن قيادة حازمة من أعصاب المخ وخلاياه ومن الغدد المنتشرة في أطرافه.
ثم مضافا إلى الخلق يجد الإنسان ذلك التناسق بينه وبين الخليقة من حوله ، كيف يتكيّف جسمه مع الحرّ والبرد ، والخشونة والليونة ، ومع مختلف الطعام والشراب ، وكيف يتعامل مع سائر الأحياء ابتداء من الوحوش الضارية وانتهاء بالجراثيم الفتّاكة .. وقد جعل الله للإنسان القدرة على التكيّف والتفوّق ثم تسخير الطبيعة.
أقول : حينما نعي كلّ ذلك أوليس نرى كرم ربّنا وحكمته؟ فلما ذا الغرور والتمادي في معصيته؟!
(الَّذِي خَلَقَكَ)
أفلم نكن عدما فأنشأنا لا من شيء كان ، بلا تعب ولا لغوب ، ولا مثل سابق يحتذي ، وخريطة تنفّذ؟