وقال آخرون : بل الظن هنا بمعنى اليقين ، لأن أصل معنى الظن ما يحدث في ذهن الإنسان من الشواهد الخارجية ، فإن كانت تامّة أحدثت يقينا وإلّا أثارت الظن ، من هنا يعبّر عن اليقين أيضا بالظن.
وقد استشهدوا بالحديث المأثور عن الامام أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ الذي قال في تفسير هذه الآية : «أي أليس يوقنون أنّهم مبعوثون» (١).
وكذلك بالنص المروي عنه أيضا حيث يقول ـ عليه السلام ـ : «الظنّ ظنّان : ظنّ شكّ ، وظنّ يقين ، فما كان من أمر المعاد من الظنّ فهو ظنّ يقين ، وما كان من أمر الدنيا فهو على الشكّ» (٢).
ولعل الإمام يشير الى حقيقة بينها الامام الرضا ـ عليه السلام ـ بصيغة اخرى ، حين قال : «ما خلق الله يقينا لا شك فيه أشبه بشكّ لا يقين فيه من الموت» (٣).
ذلك ان كل الحقائق تشهد بأن الإنسان ميّت ولكنه لا يتصوره ، لما ذا؟ لأن مثل هذا التصور يفرض عليه الحذر والاتقاء ، وهو لا يريد ذلك فيبقى حائرا بين شواهد علمية تكشف له حقيقة الموت ، وأهواء نفسية تحجب عنه هذه الحقيقة ، تماما كمن مني بهزيمة في المعركة يظل لفترة متردّدا بين قبولها وفقا للمعلومات الصادقة أو رفضها استرسالا مع هواه وغروره.
ويبدو أن الإيمان بالآخرة هو الآخر يصطدم بأهواء النفس وشهواتها ، فتتحول إلى ظنّ لا لقلة الشواهد عليها بل لصعوبة التصديق بها .. والله العالم.
__________________
(١) تفسير نمونه عن تفسير البرهان / ج ٤ ص ٤٣٨.
(٢) نور الثقلين / ج ٥ ص ٥٢٨.
(٣) الفرقان / نقلا عن الخصال للصدوق (ره).