وكلمة اخيرة : إن المؤمن ليقوم في الدنيا لله قياما يساعده في قيامه في الآخرة ، أولم يأمره ربنا سبحانه بذلك حين قال : «وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ..» وقال : «أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ».
[٧] ولكن هؤلاء المجرمين لا يظنون ذلك حتى يأتيهم بغتة ، ولذلك فإن كتابهم محفوظ في سجين ، حيث لا يمكن تغييره ، وهو كتاب واضح لا لبس فيه ولا تزوير.
(كَلَّا)
يبدو أن معنى «كلا» في الأصل النفي المؤكد ، كأن تقول : أبدا له ، ولكن تعطي في مثل هذا السياق معنى الردع والزجر ، كما توحي بتأكيد الحقائق التي ذكرت آنفا ، وكأنه نفي للتكذيب بها ، ومن هنا قال بعضهم : ان معنى كلا هنا حقا ، ونقل عن ابن عباس : ان معناه ألا تصدقون.
(إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ)
ما هو سجين؟ يبدو أنه مبالغة في السجن ، أي المحل الذي لا تناله أيدي السرقة أو التزوير. فما هو الكتاب؟ بالرغم من أن هناك كتبا كثيرة تسجل فيها أعمال العباد ، الأرض تكتب ، والسموات تصور ، وأشياء الطبيعة تحفظ آثار العمل ، وحتى أعضاء الجسد تشهد ، إلّا أن الظاهر من الكتاب هو ما يسجل على الفرد من أقواله وأفعاله ، وحتى نياته مما ذكره الله بقوله : «ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» (١).
ثم يطوى هذا الكتاب ، ويحفظ في خزانة محكمة هي سجين ، فأين تقع هذه
__________________
(١) ق / ١٨.