أقطاب الضلال وأئمة الكفر .. بصيغة الإفراد .. وكأنّه يهدّدهم واحدا واحدا بالذات ، لا فرق بين من عاصر النبي منهم ومن يأتي بعدهم ، مؤكّدا بأنّ ترفهم وما هم فيه من نعمة ليس دليلا على قربهم منه وسلامة منهجهم ، كلّا .. بل هو كيد عظيم ضدهم كما يأتوا في الآخرة ما لهم من خلاق ولا نصيب سوى العذاب الأليم ، لأنّهم جحدوا بالآيات وفكّروا وقدّروا فما أسوء ما فكّروا فيه وقدّروا فأصيبت مقاتلهم ، ودفعوا أنفسهم في نار سقر لا تبقي ولا تذر ، عليها تسعة عشر من ملائكة الله الغلاظ الشداد (الآيات ١١).
بينات من الآيات :
[١] مع اختلاف الكلمتين (المزمل والمدثر) في معناهما ، واستقلال السورتين في موضوعهما وسياقهما ، إلّا أنّ البعض خلط بينهما إلى حدّ التطابق في النصوص الواردة في أسباب التنزيل ممّا يضعّف رواياتها عندي. قال تعالى :
(يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ)
لقد أجمع المفسرون على أنّ «المدثر» هو رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ سمّاه ربّه بذلك ، قال الكلبي عن أبي عبد الله الصادق ـ عليه السلام ـ قال : «يا كلبي كم لمحمد (ص) من اسم في القرآن؟» فقلت : اسمان أو ثلاثة ، فقال : «يا كلبي له عشرة أسماء» وعدّها إليّ أن قال : «ويا أيّها المدثر ويا أيّها المزمل» (١) ووقع الاختلاف في أنّه (ص) لم سمّي مدثّرا ، فمنهم من أول الظاهر ، ومنهم من بقي عليه ، وتساءل : لما ذا تدثر الرسول بثيابه؟
فقال جابر عن رسول الله (ص) أنّه قال : جاورت بحراء شهرا ، فلمّا قضيت
__________________
(١) البرهان ج ٣ ص ٢٨.