الإنسان إلى كلّ خير مادي ومعنوي ، ويأخذ بيده إلى الرفاه والنموّ الاقتصادي لو عمل بها وطبّقها في حياته ، وحيث يعاندها الكفّار ومرضى القلوب فكيف يستزيدون ، وكيف توطّأ لهم سبل العيش ، وتمهّد أسباب السعادة؟! قال المفسرون : ولم يزل في نقصان ـ يعنون الوليد ـ بعد قوله : «كلّا» حتى افتقر ومات فقيرا (١) ، وقال العلّامة الطبرسي عند تفسيره للآية : أي لا يكون كما ظن ، ولا أزيده مع كفره (٢) ، وإلى مثله ذهب الزمخشري في الكشّاف.
والعناد مرحلة من الكفر والنفور تشبه الجحود ، فإنّ الإنسان حينما يكفر بالحق يكفر تارة لأنّه لمّا تتوفّر الآيات الدالّة عليه ، أو لأنه يكفر للتهرب من مسئولية الإيمان به ، ولكنّه يكفر تارة بلا مبرّر سوى محاربة الله والاستهزاء بآياته وهذا هو العناد .. أو تأخذه العزّة بالإثم ، ويخلط بين الأمور كأن يكفر بالإسلام والقرآن لصراع شخصيّ بينه وبين الداعية إلى الله ، قال الرازي : وقوله : «إنّه كان» يدل على أنّه من قديم الزمان كان على هذه الحرفة (٣).
[١٧ ـ ٣١] ومعاندة آيات الله ومن ثمّ محاربته ليس تمنع عن العنيد النعمة والخير وحسب ، بل وتؤدّي به إلى الشر والعذاب في دنياه وآخرته.
(سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً)
أي سأجعله يتكلّف الصعود حتى يرهق إرهاقا شديدا ، والصعود كناية عن المشقّة ، ففي التحقيق نقلا عن التهذيب : ويقال لأرهقنك صعودا ، أي لأجشّمنّك مشقة من الأمر ، لأنّ الارتفاع في صعود أشق من الانحدار في هبوط ، ومنه اشتق
__________________
(١) التفسير الكبير ج ٣٠ ص ١٩٩.
(٢) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٨٧.
(٣) التفسير الكبير ج ١٠ ص ١٩٩.