وجلّ خلق ملكا اسمه الروح له ألف رأس في كلّ رأس ألف لسان وكلّ لسان ينطق بألف لغة يسبّح الله تعالى ، فيخلق الله بكلّ تسبيحة من تسبيحاته ملكا يسبّح الله إلى يوم القيامة ، أي أنّه يخلق عند كلّ تسبيحة واحدة مليارد ملك (سبحان الله).
(وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ)
قيل : أنّ الضمير عائد إلى سقر ، وقيل : عائد إلى عدّة الملائكة ، وكلاهما صحيحان لأنّ الحقيقة واحدة ، فكلاهما ذكرى للناس ومتصلان بموضوع الجزاء والعذاب. فالمهم إذا أن يتذكّر الإنسان ربه وحقائق الغيب ، لا أن يجادل في القشور .. وقد حذّرنا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع) من النار مبيّنا صفة واحد من خزنة جهنم فقال : «واعلموا أنّه ليس لهذا الجلد الرقيق صبر على النار ، فارحموا نفوسكم ، فإنّكم قد جرّبتموها في مصائب الدنيا. أفرأيتم جزع أحدكم من الشوكة تصيبه ، والعثرة تدميه ، والرمضاء تحرقه؟ فكيف إذا كان بين طابقين من نار ، ضجيع حجره ، وقرين شيطانه؟! أعلمتم أنّ مالكا إذا غضب على النار حطم بعضها بعضا لغضبه ، وإذا زجرها توثّبت بين أبوابها جزعا من زجرته .. فالله الله معشر العباد! وأنتم سالمون في الصحة قبل السقم ، وفي الفسحة قبل الضيق ، فاسعوا في فكاك رقابكم من قبل أن تغلق رهائنها» (١).
__________________
(١) نهج البلاغة خ ١٨٣ ص ٢٦٧.