من الحي يتشاورون في أمر الوليمة للملك في صبيحة تلك الليلة ؛ فما أحسوا بها إلا وهي في وسطهم ثم مزقت أثوابها من طوقها إلى أذيالها وكشفت عن بطنها وفرجها ، وأظهرت دمها ونظرت يمينا وشمالا وقالت :
لا أحد أذلّ من جديس |
|
أهكذا يفعل بالعروس |
يرضى بذا يا قوم بعل حرّ |
|
من بعد ما ساق وسيق المهر |
يقبضه الموت إذا بنفسه |
|
حتفا ولا يصنع ذا بعرسه |
فقام الأسود أخوها ورمى بثوبه عليها وسترها وبكى وأمر بردها إلى بيتها ، فلم تفعل ، وقالت وهي تحرض على قتل عمليق والقوم يسمعون :
أترضون ما يعزى إلى فتياتكم |
|
وأنتم رجال فيكم عدد النّمل |
وتمشي سعاد في الدماء غريقة |
|
جهارا وقد زفّت عروسا إلى بعل |
فلو أننا كنا رجالا وكنتم |
|
نساء لكنا لا نقرّ بذا الفعل |
وإن أنتم لم تغضبوا بعد هذه |
|
فكونوا نساء لا تعدّ من الفحل |
ودونكم طيب العروس فإنما |
|
خلقتم لأثواب العروس وللذل |
فبعدا وسحقا للذي ليس ينتخي |
|
ويختال يمشي بيننا مشية الرجل |
قال فأخرجوها من بينهم ودبت في رؤوس القوم خمرة النخوة والمروءة فقاموا جميعا إلى مكان آخر ، فابتدأ الأسود أخو سعاد وقال : يا إخوتاه ويا بني عماه ، قد رأيتم ماذا يصنع ببناتكم وقد اتفق لأختي ما اتفق لمن تقدمها فما الرأي؟ قالوا : ما ترى ، فقال الأسود لو اجتمع رأيكم على واحد من بينكم وليتموه أمركم لا نكشف عنكم العمار وانتصفتم من الأغيار ، قالوا جميعا : أنت ذلك الواحد فلا مخالف ولا معاند ، وتحالفوا ، فقال ائتوني بالغنم والبقر والإبل وانحروا وأكثروا من الذبح