لا يطيق إحصائها نطاق البيان ، ويظهر ذلك بمعاشرتهم لمن كان معاشرته على وجه الفطانة ، كيف وظالمو سيّد الشهداء روحي وروح العالمين له الفداء بالقتل أو الجرح أو أسر العيان أو نهب الأموال لم يكونوا إلّا من نوع الإنسان ، كما أن إخوة يوسف عليه السلام كانوا من أبناء الأنبياء ، ومع هذا فعلوا فعلتهم التي فعلوا بيوسف مع كمال حسن وجهه الموجب لهلاك النفس له ، فضلاً عن الممانعة عن إيذائه ، ولم يكن إخوة يوسف عليه السلام من غير نوع الإنسان ، وعلى هذا حال سائر ما وقع من الكفّار بالنسبة إلى سائر الأنبياء.
وانظر أيّها اللّبيب ، أنّ جراحات اللّسان شديدة التأثير في روح الإنسان من جهة شدّة اللطافة أو ضعف البنيان ، بحيث كأنها توجب انقطاع الأرواح عن الأبدان ، وهذه الشدّة مع غاية اشتدادها وتطرّقها في عموم الأوان أهون سمومات الإنسان.
اين فولاد بى ا ميا |
|
كز بريد تيغ را نبود حيا |
لو خبرتهم جواز اخبري |
|
لما طلعت مخافة ان تكادا |
فكيف الحال في المعاشرة مع الإنسان في طول الزمان.
وقد سمعت أنّ في زمان الأفاغنة ضيّف شخص أشخاصاً ، فاجمع الأشخاص على أن يُضرَبَ رأسُ المُضيِّفِ من الخلف حال قيامه على وجهٍ موجبٍ للضحك.
فلاحظ كيف جرى الأشخاص في جزاء الضيافة ، وكيف جرؤا على القتل بواسطة شهوة خفيفة أعني الضحك القليل ، وحال الطبيب غالباً على أنه لو عالج بعض الأطباء بمعالجةٍ وأتى بعض آخر للمعالجة فيعالج الثاني بما يضاد معالجة الأوّل ، ولا يبالي بهلاك المريض ولو كان نبيّاً ، كما أنّه يمسك عن المعالجة طلباً لحقّ القدم
__________________
«بهيميّة وصفات سبعيّة وصفات شيطانيّة ، وقد عجنت تلك عجناً محكماً لا يكاد يتخلّص منها». منه رحمه الله.