وبعض يأتي بالإجازة مع عدم القابلية لها لغير القابل ولا يأبى القاضي والمجيّز عما يقع عليهما من سنان اللسان ، فضلاً عمّا يتعقّب في الآخرة من الخسران ، وليس الباعث إلّا حبّ الرياسة وانتشار الاسم ، وهذا حال أعلى درجات نوع الإنسان ، فهل يبقى مجال الصّلاح لأحد ، ولنِعم ما قيل بالفارسية :
خلق همه مستند ولى هركه بصهبائى |
|
بُلبل خون از جائى از جائى |
وأيم الله إنّ ورع غالب أفراد الإنسان ، من قبيل ما حكي من أن جماعة كان يزني كل واحد منهم مع امرأة في الخلوة ، فقال أحدهم للمرأة : إني لا أزني وأخبري الرّفقاء بالزناء وأعطاها خمسة دراهم.
فقالت : إني لا أكذب لخمسة دراهم.
وكذا ما حكى من أنّ شخصاً رأى شخصاً يأتي باللّواط في المسجد ، فألقى عليه ماءً من فيه ، فقال الشخص اللاطي : ألم تسمع أنّ إلقاء الماء من الفم في المسجد مكروه.
وكذا ما حكى من أن شخصاً رأى شخصاً يزني في المسجد ، فقال : ما هذا العمل فربّما ينعقد نطفة حرام ويأتي ولد الزناء.
قال : لولا كراهة العزل لما جرئت على الإنزال.
والوجه فيما ذكر أنّ الإنسان غريق بحر التكاليف ، فربّما كانت بعض التكاليف سهلاً أو كانت النفس غير مائلة إليه وكان حسن الفطرة وقوة النفس على مقدار يقتضي امتثاله ، وأما بعض آخر فربّما كان عسراً أو كانت النفس شائقة إليه ، أو كان حسن الفطرة وقوة النفس على مقدار غير وافٍ بامتثاله فيخالف جهراً كما يرتكب شرب الخمر جهراً من يرتكبه بواسطة سوء الفطرة وضعف النفس ، وربّما كان بعض في صورة الورع وهو كان قد كتب مسألة فذاكرتُ معه وسألتُ عنه فلم يتمكن