من الجواب ، فأجاب بأن زيادة تعميق النظر في المسألة لم يكن متعارفاً في أزمنة الحضور ، وحال أكثر الناس في أداء التكاليف حال المفطرين في يوم الصوم من البدو إلى ما قبل الانتهاء بالتدريج.
ومع ما سمعت نقول : إن كثيراً من أفراد الإنسان قد بلغوا مبلغاً عظيماً من التقوى والمجاهدات ورعاية التكاليف وتحمّل شدائد الزّهد فليس الأمر من باب التكليف بما لا يطاق ، بل لا بدّ من شدة السّعي في المجاهدة ولا تتوحّش من شدّة عسر أداء التكليف ، فإنها من باب تكاليف أرباب التربية ، على ما حرّرناه في الاُصول ، وكلّما كانت صفات كمال المربي أزيد وأعلى كانت تربيته أشقّ ، فكيف لا يكون أداء التكاليف الإلهية في غاية المشقة مع عدم تناهي صفات كماله وبلوغ كلّ من صفات كماله حدّ الكمال مضافاً إلى أنّ التكاليف الإلهيّة على حسب المصالح والمفاسد الواقعية وحال المصالح والمفاسد الواقعيّة في اقتضاء الأمر والنهي غير مربوطة بجعل الشارع وتعسيره.
وبعد ذلك أوصيك بتقوى الله سبحانه والتفرغ إليه ، وهو حسبك ونعم الوكيل والكفيل ، ولا يذعن بمواظبته سبحانه على التأثير في القضايا الشخصيّة من باب مجازاة الأعمال من لم يحصل له التجارب ، فتجارب حتى يزيد في تقواك وتفرغك إليه سبحانه.
وأوصيك أيها الطالب للعلم والتقوى بتصفية الأخلاق ، وتخلية الطبيعة عن الرّذائل ، وحسن المعاشرة ، فإنّه لولا ما ذكر لما أثمر العلم والتقوى إلّا مهانة وسفاهة في الدنيا وخسراناً في الآخرة ، وحسن المعاشرة أمر دقيق في غاية الدقة ، ولم يدوّن له علم ، بل لا يمكن تدوينه في علم لابتناء الأمر على خصوصيات الموارد والكافل تصرّف الطبيعة. نعم ، علم الأخلاق والأخبار يكفل كثيراً من مراحله.
ثمّ إنّ معاشر الأخوان والخلان قد بذلتُ الجدّ والجهد ، وكابدتُ الكبدَ في هذه