صاحب الأحباس ، وأبي حفص الهروي ، وأبي عمر بن عبد البر ، وأبي عبد الله محمّد بن شافع في إنكار ذلك والتشنيع على أبي الوليد ، وبعد أجوبتهم جواب أحمد بن محمّد اللخمي بتصويبه ، فمما قال في حقه : ولا يجوز أن يؤذي إمام من أئمة المسلمين معروف خيره وعلمه وصحة مذهبه وعلمه بالفقه والكلام ، ولا أن يطلق عليه بالتضليل والتبديع ، وبعده جواب جعفر بن عبد الجبار ، فما قال في حقه وما ستبدع ذلك يعني الإجادة والصواب من مثله لما وهبه الله من الفهم ، وكيف لا يكون كذلك وقد ارتحل إلى العراق ، وقرأ على أبي الشيوخ الجلّة من أئمة السنّة ، وبعده جواب الحسن بن علي التميمي المصري ، قال فيه : وقفت على ما كتبه الفقيه القاضي الأجلّ شيخنا وكبيرنا وإمامنا الذي نفزع إليه في المشكلات ، ونعتمد (١) عليه فيما دهمنا من أمور الناس ، ومعرفة توحيد خالقنا وصفاته التي بان بها عن جميع المخلوقات ، أدام الله للمسلمين توفيقه وتسديده ، وما منّ به عليهم منه من البصيرة والهداية من خطأ المخطئين وعمى العامين ، فلو نهضوا نحو الفقيه القاضي ليتعلموا منه أوائل المفترضات ومعرفة خالقهم ، وما خصنا به جميع أهل السنة والأثبات لكان بهم أحرى. وبعده جواب عبد الله بن الحسين (٢) البصري المقيم بصقلية (٣) بتصويبه يقول فيه : والفقيه القاضي قد انتشرت إمامته ، واشتهرت عدالته ، فلو سأل من حاول الرد والتضليل للفقيه القاضي كل من قدم من شرق وغرب لشهد الكل بإمامته وحفظه للحديث ، ومعرفته بالصحيح منه والسقيم ، وسائر علومه وأصول الدين وفروعه ، وبعده جواب أبي الفضل جعفر بن نصر البغدادي ، يقول فيه : ولا يحل لأحد أن يعنفه فيما أتى به إذ هو إمام جامع ، أو إمام الأئمة في المشرق والمغرب ، ولا سيما بالعراق ، وان أكثر البلاد المفتقرة لعلمه بالصحيح من الحديث والسقيم ، فلو نهض كلّ من رد عليه ليتعلموا منه أوائل المفترضات عليهم لكان بهم أحرى ، ويزيلوا عن أنفسهم الحسد والبغي ، وإنما (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ)(٤).
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، وأبو الحسين بن الفراء ، قالا : أنشدنا أبو بكر
__________________
(١) بالأصل وم : ويعتمد.
(٢) في مختصر ابن منظور ١٠ / ١١٧ الحسن.
(٣) صقلية : بثلاث كسرات وتشديد اللام والياء أيضا مشددة ، من جزائر بحر المغرب (ياقوت).
(٤) سورة التوبة ، الآية : ٣٢ وبالأصل «المشركون» والتصويب عن التنزيل العزيز.