وكان يتغدى باليمن ويتعشى بالشام ، وكان يتغدى بالشام ويتعشى باصطخر ، وكان يغدو من إصطخر فيقيل بالعراق ، ويروح منها إلى الشام.
قال : وأنا جويبر ، عن أبي سهل ، عن الحسن قال : كان سليمان ربما تغدى بالشام وتعشّى بوائل استان ـ يعني بفارس (١) ـ.
قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر ، عن أبي بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا علي بن حمشاد ، أنا إسماعيل بن قتيبة ، نا علي بن قدامة ، نا أبو جعفر الأسواني ـ يعني ـ محمّد بن عبد الرّحمن ، عن يعقوب القمّي حدّثني أبو مالك قال : مرّ سليمان بن داود بعصفور يدور حول عصفورة فقال لأصحابه : أتدرون ما تقول؟ قالوا : وما تقول يا نبي الله؟ قال : يخطبها إلى نفسه ، ويقول : زوجيني (٢) ، أسكنك أي غرف دمشق شئت ، قال سليمان : لأن غرف دمشق مبنية بالصخر لا يقدر أن يسكنها أحد ، ولكن كلّ خاطب كذاب (٣).
أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش ـ إذنا ومناولة ـ وقرأ عليّ إسناده ، أنا محمّد بن الحسين الجازري ، أنا المعافى بن زكريا ، نا محمّد بن الحسن بن زياد المقرئ ، أنا الحسن بن سفيان ، أنا صفوان بن صالح ، أنا الوليد ، أنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عباس قال :
لما تزوج داود عليهالسلام بتلك المرأة ولدت له سليمان بن داود بعد ما تاب الله عليه غلاما طاهرا نقيا فهما عاقلا عالما ، وكان من أجمل الناس ، وأعظمه وأطوله فبلغ مع أبيه حتى كان يشاوره في أموره ويدخله في حكمه ، فكان أول ما عرف داود من حكمته وتفرس فيه النبوة أن امرأة كانت كسبت جمالا فجاءت إلى القاضي تخاصم عنده فأعجبته فأرسل إليها يخطبها فقالت : ما أريد النكاح ، فراودها على القبيح فقالت : أنا عن القبيح أبعد ، فانقلبت منه إلى صاحب الشرطة فأصابها منه مثل الذي أصابها من القاضي ، فانقلبت إلى صاحب السوق فكان منه مثل ذلك ، فانقلبت منه إلى حاجب داود فأصابها منه مثل ما أصابها من القوم ، فرفضت حقها ولزمت بيتها ، فبينا القاضي وصاحب
__________________
(١) الزيادة عن البداية والنهاية ٢ / ٢٢.
(٢) كذا بالأصل والبداية والنهاية ، وفي مختصر ابن منظور : زوجتي.
(٣) نقله ابن كثير في البداية والنهاية ٣٢ بتحقيقنا ، نقلا عن ابن عساكر.