رسولا إلى قومه حتى وجده أرجحهم عقلا.
قال كعب : وبعض النبيين أرجح عقلا من بعض ، وما استخلف داود سليمان واختاره على جميع ولده وبني إسرائيل حتى عرف فضل عقله في حداثة سنه ، وإنما كان استخلاف الأنبياء قبل محمّد صلىاللهعليهوسلم نبوة ما خلا محمّدا صلىاللهعليهوسلم فإنه لا نبي بعده فأعطى الله سليمان من العقل ما لو وزن عقله بعقل أهل زمانه لرجحهم.
قال : وأنا أبو الحسن بن رزقويه ، نا أحمد بن سندي ، نا الحسن بن علي ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا علي بن عاصم ، عن سوار بن عبد الله القاضي ، حدّثني أبو بشير قال :
لما كبر داود صلىاللهعليهوسلم وظن أنه الموت ، أرسل إلى فقهاء بني إسرائيل وخيارهم فاجتمعوا عنده فقال لهم : إني لا أرى إلّا قد احتضرت ، فابغوني رجلا منكم ترضونه فأوليه الخلافة من بعدي ، قال : فطافوا زمانا لا يذكر لهم رجل من بني إسرائيل بخير إلّا أتوه به ، فلا ينصرفون عنه حتى يجدوا فيه عيبا ، قال : فطال ذلك عليهم قال : وغضب داود عليهالسلام ، وقال : ابغوني هذا الرجل فإني قد احتضرت ، قال : فطافوا فجعلوا لا يجدون رجلا يرضونه لها قال : فلما طال ذلك عليهم قال بعضهم : قد رأينا هذا الغلام قد نشأ على أحسن ما ينشأ عليه أحد ، وقد عجزنا أن نجد هذا الرجل فلو أتينا سليمان قال : فغضبت المشيخة وقالوا : ما لسليمان وهذا الأمر؟ قالوا : ليس نجد هذا الرجل وما علينا أن نأتيه؟ قال : فطلبوه في أهله فلم يجدوه ، فطلبوه فوجدوه في جدار قاعدا وحده مسندا ظهره إلى الجدار ، قال : فأتوه فسلموا ، فقعدوا حوله ، قال : ففزع سليمان لما رأى أحبار بني إسرائيل وفقهاءهم ، فجعلوا لا يسألونه عن شيء يعلمه إلّا أخبرهم به ، وإن سألوه عن شيء لا علم لديه رد علمه إلى الله تعالى قال : فنظر القوم بعضهم إلى بعض ، فقالوا : هذا صاحبنا ، قال : فلما فرغوا ما أرادوا أن يسألوه عنه ، واجتمع رأيهم على أنه صاحبهم ، ضحك سليمان فغضبت المشيخة وقالوا : غلام أتيناه لأعظم أمر في الدنيا وليس أهل ذاك ، ضحك واستهزأ بنا؟ ثم قال بعضهم : والله لأخبرنّ بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : فأرسل إليهم داود فقال : ألا تبغوني هذا الرجل قالوا : ما وجدنا في بني إسرائيل رجلا يصلح للخلافة ، فأتينا سليمان قال : فغضب داود وقال : ما لسليمان وما لهذا؟ قالوا : يا رسول الله ، لم نجد الرجل فأتيناه فلم نر إلّا خيرا. فلما ذهبنا نقوم ضحك