الحسن بن علي القطان ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا إسحاق بن بشر ، أنا خارجة بن مصعب ، وعثمان بن الساج ، عن إدريس أبي إلياس ، عن وهب بن منبه عن ابن عباس قال :
استخلف داود سليمان صلى الله عليهما في حياته ، وكان سليمان يوم استخلف أتى عليه اثنتا (١) عشرة سنة وذلك أنه لما نفذ في الحكم وأبصر داود فهمه ، وكان الله عزوجل جعله فهما. قال : فبينا داود جالس مع أحبار بني إسرائيل فذكروا العقل عند داود ، فقال له داود : يا نبي الله ما العقل؟ قال : يا أبة ، ما ارتدى العبد برداء أجمل من فضل عقل يرتدي به عبد مؤمن ، إن انكسر جبره عقله ، وإن صرع نعشه ، وإن زلّ عمده ، وإن ذل أعزّه ، وإن اعوجّ أقامه ، وإن عثر رفعه ، وإن افتقر أغناه ، وإن جاع أشبعه ، وإن ظمئ أرواه ، وإن حزن فرّحه وإن جمح كبحه ، وإن استوحش آنسه ، وإن خاف آمنه ، وإن غوى أرشده ، وإن تكلم صدّقه ، وإن كانت سوأة زيّنها ، وإن انكشف ستره ، وإن أقام بين ظهراني قوم اغتبطوا به ، وإن غاب عنهم أسفوا عليه ، وإن خطب إليهم وهو صعلوك اعتفروا ذلك منه ، وإن شهد شهادة وهو غريب تفرّسوا فيه فأحسنوا به الظن فقبلوها ، وإن نطق قالوا : بليغ ، وإن سكت قالوا : لبيب ، وإن بسط يده قالوا : جواد ، وإن قبضها قالوا : مقتصد ، وإن عنف قالوا : لم يأل ، وإن رفق قالوا : شفيق ، وإن أفطر قالوا : معذور ، وإن صام قالوا : مجتهد ، فالعقل رأس الإيمان ، ووسط الإيمان وآخر الإيمان ، فبه يصل العبد إلى الجنة ، وبه يتفاضل أهل الدنيا في دنياهم ، وأهل الجنة في درجاتهم ، لأن العاقل إذا أخطأ رجع ، وإذا أساء (٢) أحسن ، والعقل برد صاحبه إلى خير العواقب ، قال : فتعجب داود عليهالسلام فقال : يا بنيّ ، فأين موضع العقل؟ قال : في الدماغ ، يكون صاحب العقل رزينا زمّيتا ، لا يكون عجولا جهولا ، ولا يستخفّه الفرح ، ولا يغلبه هواه ، قال : فعجب داود من حكمته فاستخلفه.
قال : وأنا إسحاق ، أنا موسى بن عبيدة الرّبذي ، عن محمّد بن كعب القرظي قال : وأنا إسحاق ، أنا خارجة بن مصعب ، عن الحسن بن ذكوان ، عن من يخبره عن كعب ، وسعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة عن عبد الله بن سلام قالوا : لم يبعث الله عزوجل
__________________
(١) بالأصل : اثنا عشر سنة.
(٢) عن مختصر ابن منظور ١٠ / ١٢٠ وبالأصل : امن.