صورة سليمان ينفض لحيته من الوضوء ، لا ينكر من سليمان شيئا ، فقال : خاتمي يا أمينة ، فناولته إياه ولا تحسب إلّا أنه سليمان ، فجعله في يده ، ثم خرج حتى جلس على سرير سليمان ، وعكفت عليه الطير والجن والإنس ، وخرج سليمان فقال للأمينة : خاتمي ، قالت : ومن أنت؟ قال : أنا سليمان بن داود ، وقد تغيّر عن حاله ، وذهب عنه بهاؤه قالت : كذبت إن سليمان قد أخذ خاتمه وهو جالس على سريره في ملكه ، فعرف سليمان أن خطيئته قد أدركته.
أنبأنا أبو الحسن علي بن محمّد بن علي العلّاف.
وأخبرنا أبو المعمر المبارك بن أحمد عنه.
وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو جعفر محمّد بن محمّد بن المسلمة ، وأبو الحسن بن العلّاف ، قالا : أنا أبو القاسم عبد الملك بن محمّد بن عبد الله ، أنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن علي الكندي ، نا أبو بكر محمّد بن جعفر بن سهل ، نا إبراهيم بن الجنيد ، نا عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه ، عن وهب بن منبّه قال : كان في جزيرة من جزائر البحر ملك عظيم السلطان ، فبعث إليه سليمان يدعوه إلى ما قبله ، فأبى عليه لعظم سلطانه ، فبعث إليه بالريح ، فنسفته وملكه وجميع ما قبله حتى وضعته بن يديه ، فكان لذلك الملك ابنة تدعى أبرهة ، فأعجب سليمان بها فعرض عليها الإسلام فكرهت ، فخوّفها بالقتل ، فأصرّت فخوّفها بقتل أبيها ، فقالت : إن قتلته قتلت نفسي ، فخاف سليمان أن يكرهها فتقتل نفسها وأحبها حبا شديدا ، وهي يومئذ على دينها وتركها ، فلما غلبته تزوجها ، وكانت تعتكف على صنم من ياقوت ، وكان الصنم الفيء الذي نسفته الريح ، فسألته سليمان فوهبه لها ، وكان لا يصبر عنها ، وكان يرفق بها ويتوددها رجاء أن تسلم ، فظل معها ذات يوم. فلما أراد الانصراف وثبت عليه فاعتنقته ، وقالت له : أسألك بحياتي وبحبي وبحقي إلّا ما جزرت لإلهي ، قال سليمان : إن ذلك لا يحلّ لي وما زيارتي إياك وأنت معتكفة على الشرك إلّا رجاء أن تسلمي ، ثم قالت : لئن لم تجزر لصنمي لأقتلنّ نفسي ، وكان ذلك من تعليم أبيها. فلما سمع سليمان قولها خافها على نفسها وخدعها ، وقال : إني إن جزرت لصنمك على رءوس الناس خلعت ملكي ، وانخلعت من ديني قالت : فإني قد حلفت بإلهي لئن لم تفعل لأقتلن نفسي ، فابرر يميني فدعا سليمان بجرادة وسكين فذبحها ، فساعة قطع رأسها أنكر نفسه وأنكرته