لما ردّ الله ملك سليمان بعث سليمان إلى صخر فأتي به ، فلما أدخل عليه أمر بوثاقه فأوثقوه حديدا ثم سأل الجن : أي قتلة أشدّ حتى أقتله؟ قال : نأتيك بصخرة ثم تجوفها ثم نوثقه فنضعه فيها ونسدها عليه ونطبقها (١) بالحديد ثم نلقيه في البحر ، ففعلوا ذلك به ، فألقوه في أعمق مكان في البحر فهو فيه إلى يوم القيامة ، فذلك قول الله عزوجل : (وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ)(٢) يعني سليمان ، على من شئت من الشياطين (أَوْ أَمْسِكْ) يعني أو أقرّه في الوثاق في البحر (بِغَيْرِ حِسابٍ)(٣) يعني لا تبعة عليك فيه إلى يوم القيامة.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد الأسدي الأكفاني القاضي ، أنا محمّد بن مخلد العطار ، نا زكريا بن يحيى بن الحارث بن ميمون البصري ، نا وهب بن جرير ، عن أبيه قال : سمعت عبد الله بن عبيد بن عمير قال :
بعث سلميان إلى مارد من مردة الجن كان في البحر ، فأتي به. فلما كان على باب داره أخذ عودا فذرعه بذراعه ، ثم ألقاه من وراء الحائط فوقع بين يدي سليمان فقال سليمان : ما هذا؟ فأخبر بالذي صنع المارد ، فقال : تدرون ما أراد؟ قالوا : لا ، قال : فإنه يقول : اصنع ما شئت فإنما تصير إلى مثل هذا من الأرض.
أخبرنا أبو محمّد عبد الجبار بن محمّد بن أحمد ، أنا علي بن أحمد بن محمّد الواحدي ، أنا أبو الحسن المؤمّل بن أحمد السّوادي ، نا محمّد بن عبد الله بن نعيم ، أخبرني أبو سعيد الأحمسي ، نا الحسين بن حميد ، نا الحسين بن علي السّلمي ، حدّثني محمّد بن حسان ، عن محمّد بن جعفر بن محمّد ، عن أبيه قال :
أعطي سليمان بن داود ملك مشارق الأرض ومغاربها ، فملك سبعمائة سنة وستة أشهر ، ملك أهل الدنيا كلهم من الجن ، والإنس ، والشياطين ، والدوابّ ، والطير ، والسباع ، وأعطي علم كل شيء ، ومنطق كل شيء ، وفي زمانه صنعت الصنائع المعجبة
__________________
(١) بالأصل : ويسدها ... ويطبقها .. يلقيه.
(٢) سورة ص ، الآية : ٣٨ ـ ٣٩.
(٣) سورة ص ، الآية : ٣٩.