ثمانين يوما فلم يخرج فقالوا : قد اجتهد في العبادة ، إنه كان مجتهدا أربعين يوما ، ثم زاد حتى بلغ ثمانين يوما ، فلم يخرج ، وإنه قد اجتهد أيضا فكانوا لا يعلمون بموته ، لا الجن ولا الإنس ، وكانت الجن والشياطين متفرقين في أصناف الأعمال فليس أحد يعلم بموته حتى سلّط الله الأرضة على عصاه التي كان يتوكأ عليها ، فأكلتها فوقع سليمان والعصا فذلك قول الله عزوجل (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) يعني عصاه (فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُ) أنه ميت (أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ)(١).
أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الأصبهاني ـ شفاها ـ أنا منصور بن الحسين بن علي ، وأحمد بن محمود بن أحمد ، قالا : أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا هارون بن عقيل بن عمير الكتّاني العسقلاني ، نا أبو عمير ، نا ضمرة ، عن عباس بن عودان في قوله : (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ)(٢) قال : يسقى شربة يوم القيامة في الموقف على رءوس الخلائق.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن أحمد بن علي الزجاجي ، أنا أبو مسلّم عبيد الله بن محمّد بن أحمد بن أبي مسلم الفرضي ، حدّثني أبو عبد الله علي بن سليمان صاحب الحكيمي في شوال سنة أربعين وثلاثمائة ، نا الحسن بن عرفة ، نا علي بن ثابت الجزري ، عن المكيين عمرو بن دينار وغيره في قوله (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) قال : لا يزال يدنيه ويدنيه حتى يمس بعضه.
أخبرنا أبو طاهر محمّد بن أبي بكر بن عبد الله السّنجي ، وأبو محمّد بختيار بن عبد الله الهندي ، قالا : أنا أبو [علي](٣) الحسن بن محمّد بن عبد العزيز بن إسماعيل التككي ، أنا أبو علي بن شاذان ، أنا عثمان بن أحمد ، نا أحمد بن عبد الجبار ، نا وكيع بن الجرّاح ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن عبيد بن عمير : (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى) قال : ذكر الدنو منه يوم القيامة حتى ذكر أنه يمس بعضه. هذا في حق داود عليهالسلام لأنه يوافي القيامة خائفا من ذنبه ، فيؤمنه الله بإكرامه بقربه. وقد روي : أنه
__________________
(١) سورة سبأ ، الآية : ١٤.
(٢) سورة ص ، الآية : ٤٠.
(٣) زيادة لازمة عن م ، انظر ترجمته في سير الأعلام ١٩ / ٢٥٩ والتككي نسبة إلى بيع التكك (الأنساب).