تبني شكرا لما صنعت بعصا سليمان.
أخبرنا أبو الحسن بركات بن عبد العزيز ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسن بن رزقويه ، نا أحمد بن سندي ، نا الحسن بن علي ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا إسحاق بن بشر ، أنا إبراهيم بن طهمان ، عن سعيد بن أبي قتادة ، عن الحسن قال :
إن سليمان لما فرغ من بناء بيت المقدس وأراد الله تعالى قبضه دخل المسجد فإذا أمامه في القبلة شجرة خضراء بين عينيه ، فلما فرغ من صلاته تكلمت الشجرة فقالت : ألا تسألني ما أنا؟ فقال سليمان : ما أنت؟ قالت : أنا شجرة كذا وكذا دواء كذا من داء كذا ، فأمر سليمان بقطعها فلما كان من الغد فإذا بمثلها قد نبتت فسألها سليمان ، فقال : ما أنت؟ قالت : أنا شجرة كذا وكذا ، دواء كذا من داء كذا ، فأمر بقطعها فكان كل يوم إذا دخل المسجد يرى شجرة قد نبتت فيسألها فتخبره ، فوضع عند ذلك كتاب الطب الفيلسوفس (١) حتى وضعوا الطب ، وكتبوا الأدوية ، وأسماء الشجر التي تنبت في المسجد فلما فرغ من ذلك ، نبتت شجرة فدخل المسجد فلما صلّى قال لها : ما أنت؟ قالت : أنا الخرنوب ، قال : وما الخرنوب؟ قالت : لا أنبت في بيت إلّا كان سريعا (٢) خرابه ، فقال سليمان : الآن قد علمت أن الله قد أذن في خراب هذا المسجد وذهاب هذا الملك ، فقطع سليمان تلك الشجرة فاتّخذ منها عصا يتوكأ عليها قال : فكانت تلك منسأته (٣).
وكان سليمان يتعبد في كل سنة أربعين يوما ، لا يخرج من محرابه إلى الناس عدة الأيام التي كلّم الله تعالى موسى وعدة توبة داود النبي صلىاللهعليهوسلم فكان يلبس الصوف ويصوم ويقوم في محرابه ، فيصف بين رجلين ، وربما اتكأ على عصاه يواصل فيها الصوم ، ثم يخرج بعد الأربعين ، فلما افتتن وغفر الله له ، وردّ عليه ملكه اجتهد في العبادة ، فكان يتعبد كل سنة ثمانين يوما ، فلما أراد الله قبضه دخل محرابه فقام يصلّي ، واتكأ على عصاه فبعث الله ملك الموت فقبض روحه فبقي سنة على عصاه ، فانتظره [الناس](٤)
__________________
(١) كذا رسمها بالأصل ، وفي م : الفيلفسوفس.
(٢) بالأصل وم : سريع.
(٣) رسمها بالأصل : «مند؟؟؟ ه» والصواب ما أثبت عن م ، والمنسأة بلسان الحبشة العصا.
(٤) زيادة عن م ، وانظر مختصر ابن منظور ١٠ / ١٥٤.