اعدل عن طريقه لأن لا يرانا ، فعد لنا. وقام يصلّي الغداة ، وبصر بنا هشام فقال لمسلمة من صاحب الحمار والرجل الذي معه؟ فقال : هذا ابن عمك عبد الله بن محمّد بن علي بن عبد الله بن عباس ، أوصلت إليه صلتك وأمرته بالخروج في الليل فسمع لأمرك ، فرقّ له هشام ، ونزل عن فرسه وقال لبعض أصحابه : امض به إلى ذلك الفتى حتى تدفعه إليه ، ومضى وأخذنا الفرس ، وركبه أبو جعفر وركبت الحمار ، حتى إذا انبسطت الشمس نزل أبو جعفر وأنا أمسك الفرس فصلّى ركعتين ودعا ، ثم قال : اللهم كما حملتني على فرسه فأجلسني مجلسه ، ثم التفت إليّ فقال : هات شيئا حتى نأكل ، فقربت السفرة ، وفيها طعام حسن من طعام مسلمة ، وجعلنا نأكل منها ، فوقف علينا سائل ، وعليه فروة حمراء وبيده عصا فقال : تصدقوا رحمكم الله ، فقال له أبو جعفر : صنع الله لك ، فمرّ الشيخ ، ثم ندم أبو جعفر ، وقال : أستغفر الله وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، سبقني لساني إلى الرد عليه ، خذ السفرة فادفعها إليه بما فيها ، فأخذت السفرة فأتيت الشيخ بها فقلت : إن هذا الفتى ابن عمّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإنه فكّر في أمرك ، وأنت بمقطعة ودار مضيعة ، فبعث بسفرته وجميع طعامه إليك ، فقال لي : أقرئه السلام وقل له : لا حاجة لنا في طعامك ، ان الله عزوجل قد سمع دعاءك وأنت تقول : اللهم كما حملتني على فرسه فأجلسني مجلسه ، وإن الله وله الحمد سيفعل ذلك ، قال : فرجعت إلى أبي جعفر بالجواب فقال : قرّب لي فرسي ما هذا إلّا الخضر عليهالسلام ، فركب الفرس ودار في الصحراء فلم نر له أثرا.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد قالا : نا وأبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر أحمد بن علي (١) قال : حدّثت عن أبي عبيد الله محمّد بن عمران بن موسى المرزباني قال : دفع إليّ العباس بن العباس بن محمّد بن عبد الله بن المغيرة الجوهري (٢) كتابا ذكره أنه بخط عبد الله بن أبي سعد الوراق ، فكان فيه : حدّثنا عبد الله بن محمّد بن عياش التميمي المرورّوذي قال : سمعت جدي عياش بن القاسم يقول : كان على أبواب المدينة ـ يعني مدينة أبي جعفر ـ مما يلي الرحاب ستور وحجاب ، وعلى كل باب قائد ، فكان على باب الشام سليمان بن مجالد
__________________
(١) تاريخ بغداد ١ / ٧٧ تحت عنوان : خبر بناء مدينة السلام.
(٢) ترجمته في تاريخ بغداد ١٢ / ١٥٧.