رسول الله ما رأيت أحدا وقد رأيتك تتخطى فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
«ما قدرت على مجلس حتى قبض لي ملك من الملائكة أحد جناحيه» فجلست ورسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «هنيئا لك أبا عمرو ، هنيئا لك أبا عمرو» ـ يعني سعد بن معاذ ـ [٤٨٦٧].
قال الواقدي (١) : قالوا : ولم يزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يذكر مقتل زيد بن حارثة وجعفر وأصحابه ووجد عليهم وجدا شديدا ، فلما كان يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة (٢) أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم الناس بالتّهيّؤ لغزو الروم وأمرهم بالانكماش (٣) في غزوهم ، فتفرق المسلمون من عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم [وهم مجدّون في الجهاد ، فلما أصبح رسول الله صلىاللهعليهوسلم](٤) من الغد يوم الثلاثاء لثلاث ليال بقين من صفر ، دعا أسامة بن زيد فقال : يا أسامة ، سر على اسم الله وبركته حتى تنتهي إلى مقتل أبيك ، فأوطئهم الخيل ، فقد ولّيتك هذا الجيش ، فأغر صباحا على أهل أبنى (٥) وحرّق عليهم ، وأسرع السير تسبق الخبر ، فإن أظفرك الله فأقلل اللبث فيهم ، وخذ معك الأدلاء ، وقدّم العيون أمامك والطلائع». فلما كان يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر بدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فصدّع وحمّ ، فلما أصبح يوم الخميس لليلة (٦) بقيت من صفر عقد له رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيده لواء ثم قال : «امض (٧) على اسم الله» فخرج بلوائه معقودا فدفعه إلى بريدة بن الحصيب ، فخرج به إلى بيت أسامة ، وأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أسامة فعسكر بالجرف (٨) ، وجعل الناس يؤخذون (٩) بالخروج إلى العسكر ، فيخرج من فرغ من حاجته إلى معسكره ، ومن لم يقض حاجته فهو على فراغ ، ولم يبق أحد من المهاجرين الأولين إلّا انتدب في تلك الغزوة : عمر بن الخطاب ، وأبو عبيدة ، وسعد بن أبي وقاص ، وأبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن
__________________
(١) مغازي الواقدي ٣ / ١١١٧ تحت عنوان : غزوة أسامة بن زيد مؤتة.
(٢) بالأصل : عشر ، خطأ والصواب عن م.
(٣) بالأصل وم : الانكماس ، والصواب ما أثبت ، والانكماش : الإسراع (القاموس).
(٤) ما بين معكوفتين زيادة عن مغازي الواقدي.
(٥) أبنى بوزن حبلى ، موضع بالشام من جهة البلقاء (ياقوت).
(٦) عن مغازي الواقدي وبالأصل : لليلتين.
(٧) بالأصل : «أمضي».
(٨) الجرف : موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام (ياقوت).
(٩) في مغازي الواقدي : يجدّون.