الكفار بالعشوة فلا يبقى منهم مخبر إلّا قتلته ، قال : «أكنت فاعلا ذلك يا سلمة؟» قال : نعم والذي أكرمك ، فضحك رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى رأيت نواجذه في ضوء النار ثم قال : «إنهم يقرون الآن (١) بأرض غطفان» فجاء رجل من غطفان فقال : مرّوا على فلان الغطفاني فنحر لهم جزورا فلما أخذوا يكشطون جلدها رأوا غبرة فتركوها وخرجوا هرابا فلما أصبحنا قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «خير فرساننا اليوم أبو قتادة ، وخير رجالتنا سلمة» فأعطاني رسول الله صلىاللهعليهوسلم سهم الراجل والفارس جميعا ، ثم أردفني وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة ، فلما كان بيننا وبينها قريبا من ضحوة ، وفي القوم رجل من الأنصار كان لا يسبق (٢) جعل ينادي : هل من مسابق؟ ألا رجل يسابق إلى المدينة فأعاد ذلك مرارا وأنا وراء رسول الله صلىاللهعليهوسلم مرد في قلت له : أما تكرم كريما ولا تهاب شريفا؟ فقال : لا إلّا رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : قلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي خلني فلأسابق الرجل ، قال : «إن شئت» قلت : أذهب إليك ، فطفر عن راحلته وثنيت رجليّ وطفرت عن الناقة ، ثم إني ربطت عليها شرفا أو شرفين ـ يعني استبقيت نفسي ، أي إني غدوت حتى ألحقه فأصكّ بين كتفيه بيدي. قلت : سبقتك والله أو كلمة نحوها قال : فضحك وقال : إن أظن ، حتى قدمنا المدينة (٣).
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن محمّد ، أنا محمّد بن سعد (٤) ، أنا سعيد بن منصور ، نا عطاف (٥) بن خالد ، حدّثني عبد الرّحمن بن زيد (٦) العراقيّ قال : أتينا سلمة بن الأكوع بالرّبذة فأخرج إلينا يدا ضخمة كأنها خفّ البعير. فقال : بايعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيدي هذه ، فأخذنا يده فقبّلناها. رواه يحيى الحمّاني عن عطاف ، عن عبد الرّحمن بن عبد الملك.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أحمد بن جعفر ، نا
__________________
(١) عن المسند وبالأصل : «الأرض».
(٢) عن المسند وبالأصل : لا يسيف.
(٣) الخبر في طبقات ابن سعد ٢ / ٨٢ وسير الأعلام ٣ / ٣٢٧ وما بعدها ، وأخرجه مسلم في صحيحه في الجهاد ح (١٨٠٧).
(٤) الخبر في طبقات ابن سعد ٤ / ٣٠٦.
(٥) في ابن سعد : «عكاف بن سعد» تحريف.
(٦) عن ابن سعد وبالأصل «زبر» وفي سير الأعلام ٣ / ٣٣٠ «رزين».