للهجرة الشريفة وبعد فتح مكّة بعام واحد ندب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الناس للحج ، فبدأوا يتهيّأون له ، ولا يرون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يتهيّأ مثل تهيّوئهم إذ أنّ البيت يحج به المشرك ويطوف به العريان والكاسي ، وهو صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يحج حتى يتطهّر البيت من طواف المشرك والعريان ، وأمّر على الحجيج أبا بكر بن أبي قحافة.
ونزلت الآيات العشر من سورة براءة مستهلة بقوله عز شأنه : ( بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إلى اللَّذِينَ عَاهَدتُمْ مِنَ المُشرِكينَ * فَسِيحُوا في الأرْضِ أربَعَةَ أشهُر وَاعلَمُوا أنّكُمْ غَيرُ مُعْجِزي اللهِ وَأنَّ اللهَ مُخزي الكافِرينَ * وَأذانٌ منَ اللهِ وَرَسولِهِ إلى النَّاسِ يَوْمَ الحَجِّ الأكْبَرِ أنَّ اللهَ بريءٌ مِنَ المُشرِكينَ وَرَسُولُهُ ... ) (١).
فسورة براءة تعني أن هذا العام الذي يحجّ فيه أبو بكر بن أبي قحافة أميراً على الحجيج هو آخر عام يحجّ فيه الناس بين مشرك ومسلم ، وأنّه لا يجوز للمشركين ، ( إنَّمَا المُشرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْربُوا المَسْجِدَ الحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ) (٢).
فلمّا نزلت الآيات أرسل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم علياً عليهالسلام ليبلّغ هذه السورة ، ورجع أبو بكر إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا رسول الله أنزل فيّ شيء؟ فقال : لا ولكن جبريل جاءني فقال : لن يؤدّي عنك إلاّ أنت
__________________
١ ـ التوبة : ١ ـ ٣.
٢ ـ التوبة : ٢٨.