المعافى بن زكريّا ، نبأ محمّد بن القاسم الأنباري ، أنا أبو علي العنزي ،
نا محمّد بن عبد الرّحمن الذارع ، حدّثني الوليد بن هشام القحذمي ، قال :
وقد وفد من أهل
المدينة إلى الوليد بن عبد الملك بالشام ، فبينما هو جالس والناس عنده إذ دخل عليه
عبد الأحوص بن محمّد الأنصاري ، فقال : أعوذ بالله وبك يا أمير المؤمنين مما
يكلفني الأحوص ، قال : وما يكلفك؟ فأخبره أنه يريده على أمر مذموم ، فقال له
الوليد : كذبت أي عدو الله على مولاك ، اخرج ، قال : فخرج ، فلما شاع الخبر اندسّ
الأحوص إلى غلام رجل من آل أبي لهب فقال له : إن دخلت على أمير المؤمنين فشكوت من
مولاك ما شكا عبدي مني أعطيتك مائتي دينار ، فدخل العبد على الوليد فشكا من مولاه
ما شكا عبد الأحوص منه ومولاه جالس عند الوليد في السماطين ، فنظر إليه الوليد
فقال : ما هذا يا فلان ، قال : مظلوم يا أمير المؤمنين ، والله ما كان هذا ، وهذا
وفد أهل المدينة فسلهم عنّي ، فسألهم فقالوا : ما أبعده مما رماه به غلامه ، فقال : خذوه ، فأخذ الغلام فضرب
بين يدي الوليد فقال : يا أمير المؤمنين لا تجعل عليّ حتى أخبرك بالأمر ، أتاني
الأحوص فجعل لي مائتي دينار على أن أدخل عليك وأشكو من مولاي ما شكا عبده منه ،
فأرسل إلى الأحوص ، فأتي به ، فأمر به الوليد فجرّد وضرب بين يديه ضربا مبرحا ،
وقال : أي عدو الله ، سترت عليك ما شكا عبدك فعمدت إلى رجل من قريش تريد أن تفضحه؟
فسيّر إلى دهلك جزيرة في البحر ، فلم يزل مستترا أيام الوليد وسليمان ، فلما كانت خلافة عمر بن عبد
العزيز رجع الأحوص إلى المدينة وقال : هذا رجل أنا خاله ـ يعني عمر ـ فلم يصنع.
كانت أم عمر بن
عبد العزيز أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطّاب ، وأم أمّ عاصم أنصارية بنت عاصم بن أبي الأقلح الأنصاري.
قال المعافي :
هو عاصم بن ثابت بن قيس ـ وهو أبو الأقلح ـ فبلغ ذلك عمر بن عبد العزيز ، فأمر به
فردّ إلى دهلك.
فلما قام يزيد
بن عبد الملك رجع الأحوص إلى المدينة ، ثم إنّه خرج وافدا إلى يزيد بن
__________________